قَالَ اللَّهُ: ﴿أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ [الأحزاب: ١٩] كَقَوْلِهِ: ﴿مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ [المائدة: ٤١].
قَالَ: ﴿فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ﴾ [الأحزاب: ١٩] أَبْطَلَ اللَّهُ حَسَنَاتِهِمْ لأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا حِسْبَةٌ.
﴿وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: ١٩] وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَشِحَّةٌ عَلَى الْخَيْرِ ﴿عَلَى الْقِتَالِ، لا يُقَاتِلُونَ.
وَتَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ أَنَّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَسَّهُمُ الْحَصْرُ وَالْبَلاءُ فِي الْخَنْدَقِ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ لِيُصِيبَ طَعَامًا أَوْ إِدَامًا، فَوَجَدَ أَخَاهُ يَتَغَدَّى تَمْرًا، فَدَعَاهُ، فَقَالَ أَخُوهُ الْمُؤْمِنُ: قَدْ بَخِلْتَ عَلَيَّ وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِكَ فَلا حَاجَةَ لِي فِي طَعَامِكَ.
قَالَ:﴾
يَحْسَبُونَ ﴿ [الأحزاب: ٢٠] يَحْسَبُ الْمُنَافِقُونَ.
الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا ﴿ [الأحزاب: ٢٠] يَوَدُّ الْمُنَافِقُونَ.
لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ ﴿ [الأحزاب: ٢٠]، يَعْنِي: فِي الْبَادِيَةِ مَعَ الأَعْرَابِ، يَوَدُّونَ مِنَ الْخَوْفِ لَوْ أَنَّهُمْ فِي الْبَدْوِ.
يَسْأَلُونَ عَن أَنْبَائِكُمْ ﴿ [الأحزاب: ٢٠] وَهُوَ كَلامٌ مَوْصُولٌ، وَلَيْسَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ إِلا الْخَوْفُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعِيَالِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، لأَنَّهُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَظْهَرُوا أَنَّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ وَهُمْ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ.
قَالَ:﴾
وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا ﴿ [الأحزاب: ٢٠] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:﴾ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴿ [الأحزاب: ٢١] وَهَذَا الذِّكْرُ تَطَوُّعٌ، لَيْسَ فِيهِ وَقْتٌ.
قَالَ:﴾
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ { [الأحزاب: ٢٢]


الصفحة التالية
Icon