اللَّهِ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ، فَرَأَى زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَوِيَهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي طَلاقِهَا، فَإِنَّ فِيهَا كِبْرًا وَإِنَّهَا تُؤْذِينِي بِلِسَانِهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ
زَوْجَكَ، فَأَمْسَكَهَا زَيْدٌ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْزَلَ اللَّهُ نِكَاحَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب: ٣٧] فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ زَيْدًا فَقَالَ: ائْتِ زَيْنَبَ فَأَخْبِرْهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِيهَا، فَانْطَلَقَ زَيْدٌ
فَاسْتَفْتَحَ الْبَابَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: زَيْدٌ، قَالَتْ: وَمَا حَاجَةُ زَيْدٍ إِلَيَّ وَقَدْ طَلَّقَنِي؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَنِي، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِرَسُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفُتِحَ لَهُ الْبَابُ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ زَيْدٌ: لا يَبْكِ اللَّهُ عَيْنَكِ، قَدْ كُنْتِ نِعْمَتَ الْمَرْأَةِ أَوْ قَالَ: الزَّوْجَةِ، إِنْ كُنْتِ لَتَبَرِّينَ قَسَمِي وَتُطِيعِينَ أَمْرِي، وَتَتَّبِعِينَ مَسَرَّتِي، فَقَدْ أَبْدَلَكِ اللَّهُ
خَيْرًا مِنِّي، قَالَتْ: مَنْ لا أَبَا لَكَ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَّتْ سَاجِدَةً.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ﴾ [الأحزاب: ٣٧] عَيْبَ النَّاسِ أَنْ يَعِيبُوا مَا صَنَعْتَ.
﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] وَالْوَطَرُ الْحَاجَةُ.
﴿زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُحَمَّدُ زَعَمْتَ أَنَّ حَلِيلَةَ الابْنِ لا تَحِلُّ لِلأَبِ، وَقَدْ تَزَوَّجْتَ حَلِيلَةَ ابْنِكَ زَيْدٍ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٧]، أَيْ: أَنَّ زَيْدًا كَانَ دَعِيًّا، وَلَمْ يَكُنْ بِابْنِ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَدٍ مِنْ
رِجَالِكُمْ﴾
[الأحزاب: ٤٠].


الصفحة التالية
Icon