قَالَ: ﴿بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ﴾ [سبأ: ٨] فِي الآخِرَةِ.
﴿وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ﴾ [سبأ: ٨] فِي الدُّنْيَا ﴿الْبَعِيدِ﴾ [سبأ: ٨] الَّذِي لا يُصِيبُونَ بِهِ خَيْرًا فِي الدُّنْيَا وَلا الآخِرَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْبَعِيدُ مِنَ الْهُدَى.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ﴾ [سبأ: ٨]، يَعْنِي: الشَّقَاءَ الطَّوِيلَ.
قَالَ: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا﴾ [سبأ: ٩] يَنْظُرُوا.
﴿إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ [سبأ: ٩]، يَعْنِي: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ [سبأ: ٩] أَمَامَهُمْ، ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [سبأ: ٩] وَرَاءَهُمْ، وَهُوَ تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.
قَالَ يَحْيَى: حَيْثُمَا قَامَ الإِنْسَانُ فَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ مِثْلَ مَا خَلْفَهُ مِنْهَا.
قَالَ: ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [سبأ: ٩] وَالْكِسْفُ الْقِطْعَةُ، وَالْكِسْفُ مُذَكَّرٌ، وَالْقِطْعَةُ مُؤَنَّثَةٌ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْقِطْعَةِ.
قَالَ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾ لَعِبْرَةً.
﴿لِكُلِّ عَبْد مُنِيبٍ﴾ [سبأ: ٩] وَهُوَ الْمُقْبِلُ إِلَى اللَّهِ بِالإِخْلاصِ لَهُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد مِنَّا فَضْلا﴾ [سبأ: ١٠] النُّبُوَّةَ.
﴿يَا جِبَالُ﴾ [سبأ: ١٠] قُلْنَا يَا جِبَالُ.
﴿أَوِّبِي مَعَهُ﴾ [سبأ: ١٠] الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَبِّحِي مَعَهُ.
﴿وَالطَّيْرَ﴾ [سبأ: ١٠] وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ﴾ [الأنبياء: ٧٩].
قَالَ: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ [سبأ: ١٠] أَلانَهُ اللَّهُ لَهُ فَكَانَ يَعْمَلُهُ بِلا نَارٍ وَلا مِطْرَقَةٍ، بِأَصَابِعِهِ الثَّلاثِ كَهَيْئَةِ الطِّينِ بِيَدِهِ.