﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [سبأ: ٥١] النَّفْخَةَ الآخِرَةَ.
قَالَ الْحَسَنُ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَقْرَبُ مِنْ أَنْ كَانُوا فِي بَطْنِ الأَرْضِ فَإِذَا هُمْ عَلَى ظَهْرِهَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: ﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [سبأ: ٥١] مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ.
﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ﴾ [سبأ: ٥٢] بِالْقُرْآنِ.
قَالَ اللَّهُ: ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ﴾ [سبأ: ٥٢] وَكَيْفَ لَهُمْ تَنَاوُلُ التَّوْبَةِ.
﴿مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ {٥٢﴾ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} [سبأ: ٥٢-٥٣]، أَيْ: كَيْفَ لَهُمُ التَّوْبَةُ وَلَيْسَ بِالْحِينِ الَّذِي تُقْبَلُ مِنْهُمْ فِيهِ التَّوْبَةُ قَدْ فَاتَهُمْ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ [غافر: ٨٥] عَذَابَنَا.
- حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [سبأ: ٥٢] فَقَالَ: يَسْأَلُونَ الرَّدَّ وَلَيْسَ بِحِينِ الرَّدِّ.
وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: إِذَا فَزِعُوا مِنْ قُبُورِهِمْ، يَعْنِي: النَّفْخَةَ الآخِرَةَ ﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [سبأ: ٥١].
قَالَ: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [سبأ: ٥٣] كَذَّبُوا بِالْبَعْثِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي عِنْدَهُمْ بَعِيدٌ لأَنَّهُمْ لا يُقِرُّونَ بِهِ.
﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ [سبأ: ٥٤] وَهَذَا تَبَعٌ لِلْكَلامِ الأَوَّلِ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ {٥١﴾ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴿٥٢﴾ } [سبأ: ٥١-٥٢] مِنَ الآخِرَةِ فِي الدُّنْيَا، فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ: التَّنَاوُشُ التَّنَاوُلُ.