٣ -
﴿مِنْ أَجْل ذَلِكَ﴾ الَّذِي فَعَلَهُ قَابِيل ﴿كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إسْرَائِيل أَنَّهُ﴾ أَيْ الشَّأْن ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْس﴾ قَتَلَهَا ﴿أَوْ﴾ بِغَيْرِ ﴿فَسَاد﴾ أَتَاهُ ﴿فِي الْأَرْض﴾ مِنْ كُفْر أَوْ زِنًا أَوْ قَطْع طَرِيق أَوْ نَحْوه ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا﴾ بِأَنْ امْتَنَعَ عَنْ قَتْلهَا ﴿فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا﴾ قَالَ بن عَبَّاس مِنْ حَيْثُ انْتِهَاك حُرْمَتهَا وَصَوْنهَا ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ﴾ أَيْ بَنِي إسْرَائِيل ﴿رُسُلنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ الْمُعْجِزَات ﴿ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْد ذَلِكَ فِي الْأَرْض لَمُسْرِفُونَ﴾ مُجَاوِزُونَ الْحَدّ بِالْكُفْرِ وَالْقَتْل وَغَيْر ذلك
٣ -
وَنَزَلَ فِي الْعُرَنِيِّينَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة وَهُمْ مَرْضَى فَأَذِنَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى الْإِبِل وَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالهَا وَأَلْبَانهَا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِل ﴿إنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّه وَرَسُوله﴾ بِمُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْض فَسَادًا﴾ بِقَطْعِ الطَّرِيق ﴿أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّع أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ مِنْ خِلَاف﴾ أَيْ أَيْدِيهمْ الْيُمْنَى وَأَرْجُلهمْ الْيُسْرَى ﴿أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْض﴾ أَوْ لِتَرْتِيبِ الْأَحْوَال فَالْقَتْل لِمَنْ قَتَلَ فَقَطْ وَالصَّلْب لِمَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَال وَالْقَطْع لِمَنْ أَخَذَ الْمَال وَلَمْ يقتل والنفي لمن أخاف فقط قاله بن عَبَّاس وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَأَصَحّ قَوْلَيْهِ أَنَّ الصَّلْب ثَلَاثًا بَعْد الْقَتْل وَقِيلَ قَبْله قَلِيلًا وَيُلْحَق بِالنَّفْيِ مَا أَشْبَهَهُ فِي التَّنْكِيل مِنْ الْحَبْس وَغَيْره ﴿ذَلِكَ﴾ الْجَزَاء الْمَذْكُور ﴿لَهُمْ خِزْي﴾ ذُلّ ﴿فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم﴾ هُوَ عَذَاب النَّار
٣ -
﴿إلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾ مِنْ الْمُحَارِبِينَ وَالْقُطَّاع ﴿مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَفُور﴾ لَهُمْ مَا أَتَوْهُ ﴿رَحِيم﴾ بِهِمْ عَبَّرَ بِذَلِك دُون فَلَا تَحُدُّوهُمْ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا يَسْقُط عَنْهُ بِتَوْبَتِهِ إلَّا حُدُود اللَّه دُون حُقُوق الْآدَمِيِّينَ كَذَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَاَللَّه أَعْلَم فَإِذَا قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَال يُقْتَل وَيُقْطَع وَلَا يُصْلَب وَهُوَ أَصَحّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ وَلَا تُفِيد تَوْبَته بَعْد الْقُدْرَة عَلَيْهِ شَيْئًا وَهُوَ أَصَحّ قَوْلَيْهِ أَيْضًا
٣ -
﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه﴾ خَافُوا عِقَابه بِأَنْ تُطِيعُوهُ ﴿وَابْتَغُوا﴾ اُطْلُبُوا ﴿إلَيْهِ الْوَسِيلَة﴾ مَا يُقَرِّبكُمْ إلَيْهِ مِنْ طَاعَته ﴿وَجَاهِدُوا فِي سَبِيله﴾ لِإِعْلَاءِ دِينه ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ تَفُوزُونَ


الصفحة التالية
Icon