١٠ -
﴿فَإِنْ عُثِرَ﴾ اُطُّلِعَ بَعْد حَلِفهمَا ﴿عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إثْمًا﴾ أَيْ فِعْلًا مَا يُوجِبهُ مِنْ خِيَانَة أَوْ كَذِب فِي الشَّهَادَة بِأَنْ وُجِدَ عِنْدهمَا مِثْلَا مَا اُتُّهِمَا بِهِ وَادَّعَيَا أَنَّهُمَا ابْتَاعَاهُ مِنْ الْمَيِّت أَوْ وَصَّى لَهُمَا بِهِ ﴿فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامهمَا﴾ فِي تَوَجُّه الْيَمِين عَلَيْهِمَا ﴿مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ﴾ الْوَصِيَّة وَهُمْ الْوَرَثَة وَيُبْدَل مِنْ آخَرَانِ ﴿الْأَوْلَيَانِ﴾ بِالْمَيِّتِ أَيْ الْأَقْرَبَانِ إلَيْهِ وَفِي قِرَاءَة الْأَوَّلَيْنِ جَمْع أَوَّل صِفَة أَوْ بَدَل مِنْ الَّذِينَ ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ﴾ عَلَى خِيَانَة الشَّاهِدَيْنِ وَيَقُولَانِ ﴿لَشَهَادَتنَا﴾ يَمِيننَا ﴿أَحَقّ﴾ أَصْدَق ﴿مِنْ شَهَادَتهمَا﴾ يَمِينهمَا ﴿وَمَا اعْتَدَيْنَا﴾ تَجَاوَزْنَا الْحَقّ فِي الْيَمِين ﴿إنَّا إذًا لَمِنْ الظَّالِمِينَ﴾ الْمَعْنَى لِيُشْهِد الْمُحْتَضِر عَلَى وَصِيَّته اثْنَيْنِ أَوْ يُوصِي إلَيْهِمَا مِنْ أَهْل دِينه أَوْ غَيْرهمْ إنْ فَقَدَهُمْ لِسَفَرٍ وَنَحْوه فَإِنْ ارْتَابَ الْوَرَثَة فِيهِمَا فَادَّعَوْا أَنَّهُمَا خَانَا بِأَخْذِ شَيْء أَوْ دَفْعه إلَى شَخْص زَعَمَا أَنَّ الْمَيِّت أَوْصَى لَهُ بِهِ فَلْيَحْلِفَا إلَى آخِره فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى أَمَارَة تَكْذِيبهمَا فَادَّعَيَا دَافِعًا لَهُ حَلَفَ أَقْرَب الْوَرَثَة عَلَى كَذِبهمَا وَصَدَّقَ مَا ادَّعَوْهُ وَالْحُكْم ثَابِت فِي الْوَصِيَّيْنِ مَنْسُوخ فِي الشَّاهِدَيْنِ وَكَذَا شَهَادَة غَيْر أَهْل الْمِلَّة مَنْسُوخَة وَاعْتِبَار صَلَاة الْعَصْر لِلتَّغْلِيظِ وَتَخْصِيص الْحَلِف فِي الْآيَة بِاثْنَيْنِ مِنْ أَقْرَب الْوَرَثَة لِخُصُوصِ الْوَاقِعَة الَّتِي نَزَلَتْ لَهَا وَهِيَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَهْم خَرَجَ مَعَ تَمِيم الدَّارِيّ وَعَدِيّ بْن بُدَاء أَيْ وَهُمَا نَصْرَانِيَّانِ فَمَاتَ السَّهْمِيّ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِم فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّة مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ فَرُفِعَا إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ فَأَحْلَفَهُمَا ثُمَّ وُجِدَ الْجَام بِمَكَّة فَقَالُوا ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيم وَعَدِيّ فَنَزَلَتْ الْآيَة الثَّانِيَة فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاء السَّهْمِيّ فَحَلَفَا وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَقَامَ عَمْرو بْن الْعَاصِ وَرَجُل آخَر مِنْهُمْ فَحَلَفَا وَكَانَ أَقْرَب إلَيْهِ وَفِي رِوَايَة فَمَرِضَ فَأَوْصَى إلَيْهِمَا وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَبْلُغَا مَا تَرَكَ أَهْله فَلَمَّا مَاتَ أَخَذَا الْجَام وَدَفَعَا إلَى أَهْله مَا بَقِيَ
١٠ -
﴿ذَلِكَ﴾ الْحُكْم الْمَذْكُور مِنْ رَدّ الْيَمِين عَلَى الْوَرَثَة ﴿أَدْنَى﴾ أَقْرَب إلَى ﴿أَنْ يَأْتُوا﴾ أَيْ الشُّهُود أَوْ الْأَوْصِيَاء ﴿بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْههَا﴾ الَّذِي تَحَمَّلُوهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْر تَحْرِيف وَلَا خِيَانَة ﴿أَوْ﴾ أَقْرَب إلَى أَنْ ﴿يَخَافُوا أَنْ تُرَدّ أَيْمَانهمْ﴾ عَلَى الْوَرَثَة الْمُدَّعِينَ فَيَحْلِفُونَ عَلَى خِيَانَتهمْ وَكَذِبهمْ فَيَفْتَضِحُونَ وَيَغْرَمُونَ فَلَا يَكْذِبُوا ﴿وَاتَّقُوا اللَّه﴾ بِتَرْكِ الْخِيَانَة وَالْكَذِب ﴿وَاسْمَعُوا﴾ مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ سَمَاع قَبُول ﴿وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الْفَاسِقِينَ﴾ الخارجين عن طاعته إلى سبيل الخير
١٠ -
اذكر ﴿يَوْم يَجْمَع اللَّه الرُّسُل﴾ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿فَيَقُول﴾ لَهُمْ تَوْبِيخًا لِقَوْمِهِمْ ﴿مَاذَا﴾ أَيْ الَّذِي ﴿أُجِبْتُمْ﴾ بِهِ حِين دَعَوْتُمْ إلَى التَّوْحِيد ﴿قَالُوا لَا عِلْم لَنَا﴾ بِذَلِكَ ﴿إنَّك أَنْت عَلَّام الْغُيُوب﴾ مَا غَابَ عَنْ الْعِبَاد وَذَهَبَ عَنْهُمْ عِلْمه لِشِدَّةِ هَوْل يَوْم الْقِيَامَة وَفَزَعهمْ ثُمَّ يَشْهَدُونَ عَلَى أُمَمهمْ لَمَّا يَسْكُنُونَ


الصفحة التالية
Icon