﴿كَمَا أَخْرَجَك رَبّك مِنْ بَيْتك بِالْحَقِّ﴾ مُتَعَلِّق بِأَخْرَجَ ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ الْخُرُوج وَالْجُمْلَة حَال مِنْ كَاف أَخْرَجَك وَكَمَا خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف أَيْ هَذِهِ الْحَال فِي كَرَاهَتهمْ لَهَا مِثْل إخْرَاجك فِي حَال كَرَاهَتهمْ وَقَدْ كَانَ خَيْرًا لَهُمْ فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سُفْيَان قَدِمَ بِعِيرٍ مِنْ الشَّام فَخَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه لِيَغْنَمُوهَا فَعَلِمَتْ قُرَيْش فَخَرَجَ أَبُو جَهْل وَمُقَاتِلُو مَكَّة لِيَذُبُّوا عَنْهَا وَهُمْ النَّفِير وَأَخَذَ أَبُو سُفْيَان بِالْعِيرِ طَرِيق السَّاحِل فَنَجَتْ فَقِيلَ لِأَبِي جَهْل ارْجِعْ فَأَبَى وَسَارَ إلَى بَدْر فَشَاوَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابه وَقَالَ إنَّ اللَّه وَعَدَنِي إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَوَافَقُوهُ عَلَى قِتَال النَّفِير وَكَرِهَ بَعْضهمْ ذَلِكَ وَقَالُوا لَمْ نَسْتَعِدّ له كما قال تعالى
﴿يجادلونك في الحق﴾ القتال ﴿بعد ما تبين﴾ ظهر لهم ﴿كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون﴾ إليه عيانا في كراهتهم له
﴿و﴾ اُذْكُرْ ﴿إذْ يَعِدكُمْ اللَّه إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ﴾ الْعِير أَوْ النَّفِير ﴿أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ﴾ تُرِيدُونَ ﴿أَنَّ غَيْر ذَات الشَّوْكَة﴾ أَيْ الْبَأْس وَالسِّلَاح وَهِيَ الْعِير ﴿تَكُون لَكُمْ﴾ لِقِلَّةِ عَدَدهَا وَمَدَدهَا بِخِلَافِ النَّفِير ﴿وَيُرِيد اللَّه أَنْ يُحِقّ الْحَقّ﴾ يظهره ﴿بكلماته﴾ السابقة بظهور الإسلام ﴿ويقطع دابرالكافرين﴾ آخِرهمْ بِالِاسْتِئْصَالِ فَأَمَرَكُمْ بِقِتَالِ النَّفِير
﴿لِيُحِقّ الْحَقّ وَيُبْطِل﴾ يَمْحَق ﴿الْبَاطِل﴾ الْكُفْر ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ
اُذْكُرْ ﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبّكُمْ﴾ تَطْلُبُونَ مِنْهُ الْغَوْث بِالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ ﴿فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي﴾ أَيْ بِأَنِّي ﴿مُمِدّكُمْ﴾ مُعِينكُمْ ﴿بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَة مُرْدِفِينَ﴾ مُتَتَابِعِينَ يُرْدِف بَعْضهمْ بَعْضًا وَعَدَهُمْ بِهَا أَوَّلًا ثُمَّ صَارَتْ ثَلَاثَة آلَاف ثُمَّ خَمْسَة كَمَا فِي آل عِمْرَان وَقُرِئَ بِآلُف كَأَفْلُس جَمْع
١ -
﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّه﴾ أَيْ الْإِمْدَاد {إلَّا بُشْرَى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم