١٤ -
﴿وَكَذَلِكَ﴾ كَمَا هَدَيْنَاكُمْ إلَيْهِ ﴿جَعَلْنَاكُمْ﴾ يَا أُمَّة مُحَمَّد ﴿أُمَّةً وَسَطًا﴾ خِيَارًا عُدُولًا ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس﴾ يَوْم الْقِيَامَة أَنَّ رُسُلهمْ بَلَّغَتْهُمْ ﴿وَيَكُون الرَّسُول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ أَنَّهُ بَلَّغَكُمْ ﴿وَمَا جَعَلْنَا﴾ صَيَّرْنَا ﴿الْقِبْلَة﴾ لَك الْآن الْجِهَة ﴿الَّتِي كُنْت عَلَيْهَا﴾ أَوَّلًا وَهِيَ الْكَعْبَة وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إلَيْهَا فَلَمَّا هَاجَرَ أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْت الْمَقْدِس تَأَلُّفًا لِلْيَهُودِ فَصَلَّى إلَيْهِ سِتَّة أَوْ سَبْعَة عَشْر شَهْرًا ثُمَّ حُوِّلَ ﴿إلَّا لِنَعْلَم﴾ عِلْم ظُهُور ﴿مَنْ يَتَّبِع الرَّسُول﴾ فَيُصَدِّقهُ ﴿مِمَّنْ يَنْقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ أَيْ يَرْجِع إلَى الْكُفْر شَكًّا فِي الدِّين وَظَنًّا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِيرَة مِنْ أَمْره وَقَدْ ارْتَدَّ لِذَلِك جَمَاعَة ﴿وَإِنْ﴾ مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَيْ وَإِنَّهَا ﴿كَانَتْ﴾ أَيْ التَّوْلِيَة إلَيْهَا ﴿لَكَبِيرَة﴾ شَاقَّة عَلَى النَّاس ﴿إلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّه﴾ مِنْهُمْ ﴿وَمَا كَانَ اللَّه لِيُضِيعَ إيمَانكُمْ﴾ أَيْ صَلَاتكُمْ إلَى بَيْت الْمَقْدِس بَلْ يُثِيبكُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَبَب نُزُولهَا السُّؤَال عَمَّنْ مَاتَ قَبْل التحويل ﴿إن الله بالناس﴾ المؤمنين ﴿لرؤوف رَحِيم﴾ فِي عَدَم إضَاعَة أَعْمَالهمْ وَالرَّأْفَة شِدَّة الرَّحْمَة وَقَدَّمَ الْأَبْلَغ لِلْفَاصِلَةِ
١٤ -
﴿قَدْ﴾ لِلتَّحْقِيقِ ﴿نَرَى تَقَلُّب﴾ تَصَرُّف ﴿وَجْهك فِي﴾ جِهَة ﴿السَّمَاء﴾ مُتَطَلِّعًا إلَى الْوَحْي وَمُتَشَوِّقًا لِلْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَة وَكَانَ يَوَدّ ذَلِكَ لِأَنَّهَا قِبْلَة إبْرَاهِيم وَلِأَنَّهُ أَدْعَى إلَى إسْلَام الْعَرَب ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ﴾ نُحَوِّلَنَّك ﴿قِبْلَة تَرْضَاهَا﴾ تُحِبّهَا ﴿فَوَلِّ وَجْهك﴾ اسْتَقْبِلْ فِي الصَّلَاة ﴿شَطْر﴾ نَحْو ﴿الْمَسْجِد الْحَرَام﴾ أَيْ الْكَعْبَة ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ﴾ خِطَاب لِلْأُمَّةِ ﴿فَوَلُّوا وُجُوهكُمْ﴾ فِي الصَّلَاة ﴿شَطْره وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ﴾ أَيْ التَّوَلِّي إلَى الْكَعْبَة ﴿الْحَقّ﴾ الثَّابِت ﴿مِنْ رَبّهمْ﴾ لِمَا فِي كُتُبهمْ مِنْ نَعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَتَحَوَّل إلَيْهَا ﴿وَمَا اللَّه بِغَافِلٍ عما تعملون﴾ بِالتَّاءِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ امْتِثَال أَمْره وَبِالْيَاءِ أَيْ الْيَهُود مِنْ إنْكَار أَمْر الْقِبْلَة
١٤ -
﴿وَلَئِنْ﴾ لَام الْقَسَم ﴿أَتَيْت الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب بِكُلِّ آيَة﴾ عَلَى صِدْقك فِي أَمْر الْقِبْلَة ﴿مَا تَبِعُوا﴾ أَيْ لَا يَتْبَعُونَ ﴿قِبْلَتك﴾ عِنَادًا ﴿وَمَا أَنْت بِتَابِعٍ قِبْلَتهمْ﴾ قَطْع لِطَمَعِهِ فِي إسْلَامهمْ وَطَمَعهمْ فِي عَوْده إلَيْهَا ﴿وَمَا بَعْضهمْ بِتَابِعٍ قِبْلَة بَعْض﴾ أَيْ الْيَهُود قِبْلَة النَّصَارَى وَبِالْعَكْسِ ﴿وَلَئِنْ اتَّبَعْت أَهْوَاءَهُمْ﴾ الَّتِي يَدْعُونَك إلَيْهَا ﴿مِنْ بَعْد مَا جَاءَك مِنْ الْعِلْم﴾ الْوَحْي ﴿إنَّك إذًا﴾ إنْ اتَّبَعْتهمْ فَرْضًا ﴿لمن الظالمين﴾
١٤ -
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب يَعْرِفُونَهُ﴾ أَيْ مُحَمَّدًا ﴿كَمَا يعرفون أبناءهم﴾ بنعته في كتبهم قال بن سَلَام لَقَدْ عَرَفْته حِين رَأَيْته كَمَا أَعْرِف ابني ومعرفتي لمحمد أَشَدّ ﴿وَإْنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقّ﴾ نَعْته ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ هَذَا الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ
١٤ -
﴿الْحَقّ﴾ كَائِنًا ﴿مِنْ رَبّك فَلَا تَكُونَن مِنْ الْمُمْتَرِينَ﴾ الشَّاكِّينَ فِيهِ أَيْ مِنْ هَذَا النَّوْع فَهُوَ أَبْلَغ مِنْ أَنْ لَا تَمْتَرِ
١٤ -
﴿وَلِكُلٍّ﴾ مِنْ الْأُمَم ﴿وِجْهَة﴾ قِبْلَة ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ وِجْهَة فِي صَلَاته وَفِي قِرَاءَة مَوْلَاهَا ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات﴾ بَادِرُوا إلَى الطَّاعَات وَقَبُولهَا ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّه جَمِيعًا﴾ يَجْمَعكُمْ يَوْم الْقِيَامَة فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ {إن الله على كل شيء قدير


الصفحة التالية
Icon