١٨ -
﴿أَيَّامًا﴾ نُصِبَ بِالصِّيَامِ أَوْ يَصُومُوا مُقَدَّرًا ﴿مَعْدُودَات﴾ أَيْ قَلَائِل أَوْ مُؤَقَّتَات بِعَدَدٍ مَعْلُوم وَهِيَ رَمَضَان كَمَا سَيَأْتِي وَقَلَّلَهُ تَسْهِيلًا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ﴾ حِين شُهُوده ﴿مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر﴾ أَيْ مُسَافِرًا سَفَر الْقَصْر وَأَجْهَدَهُ الصَّوْم فِي الْحَالَيْنِ فَأَفْطَرَ ﴿فَعِدَّة﴾ فَعَلَيْهِ عِدَّة مَا أَفْطَرَ ﴿مِنْ أَيَّام أُخَر﴾ يَصُومهَا بَدَله ﴿وَعَلَى الَّذِينَ﴾ لَا ﴿يُطِيقُونَهُ﴾ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَض لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ﴿فِدْيَة﴾ هِيَ ﴿طَعَام مِسْكِين﴾ أَيْ قَدْر مَا يَأْكُلهُ فِي يَوْمه وَهُوَ مُدّ مِنْ غَالِب قُوت الْبَلَد لِكُلِّ يَوْم وَفِي قِرَاءَة بِإِضَافَةِ فِدْيَة وَهِيَ لِلْبَيَانِ وَقِيلَ لَا غَيْر مُقَدَّرَة وَكَانُوا مُخَيَّرِينَ فِي صَدْر الْإِسْلَام بَيْن الصَّوْم وَالْفِدْيَة ثُمَّ نُسِخَ بِتَعْيِينِ الصَّوْم بِقَوْلِهِ مَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ قال بن عَبَّاس إلَّا الْحَامِل وَالْمُرْضِع إذَا أَفْطَرَتَا خَوْفًا عَلَى الْوَلَد فَإِنَّهَا بَاقِيَة بِلَا نَسْخ فِي حَقّهمَا ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْقَدْر الْمَذْكُور فِي الْفِدْيَة ﴿فَهُوَ﴾ أَيْ التَّطَوُّع ﴿خَيْر لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا﴾ مُبْتَدَأ خَبَره ﴿خَيْر لَكُمْ﴾ ومن الْإِفْطَار وَالْفِدْيَة ﴿إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أَنَّهُ خَيْر لَكُمْ فَافْعَلُوهُ
١٨ -
تِلْكَ الْأَيَّام ﴿شَهْر رَمَضَان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن﴾ مِنْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ إلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فِي لَيْلَة الْقَدْر مِنْهُ ﴿هُدًى﴾ حَال هَادِيًا مِنْ الضَّلَالَة ﴿لِلنَّاسِ وَبَيِّنَات﴾ آيَات وَاضِحَات ﴿مِنْ الْهُدَى﴾ بِمَا يَهْدِي إلَى الْحَقّ مِنْ الْأَحْكَام ﴿و﴾ من ﴿الْفُرْقَان﴾ مِمَّا يُفَرَّق بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل ﴿فَمَنْ شَهِدَ﴾ حَضَرَ ﴿مِنْكُمْ الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّة مِنْ أَيَّام أُخَر﴾ تَقَدَّمَ مِثْله وَكُرِّرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّم نَسْخه بِتَعْمِيمِ مَنْ شَهِدَ ﴿يُرِيد اللَّه بِكُمْ الْيُسْر وَلَا يُرِيد بِكُمْ الْعُسْر﴾ وَلِذَا أَبَاحَ لَكُمْ الْفِطْر فِي الْمَرَض وَالسَّفَر لِكَوْنِ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْعِلَّة أَيْضًا لِلْأَمْرِ بِالصَّوْمِ عُطِفَ عَلَيْهِ ﴿وَلِتُكْمِلُوا﴾ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد ﴿الْعِدَّة﴾ أَيْ عِدَّة صَوْم رَمَضَان ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّه﴾ عِنْد إكْمَالهَا ﴿عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ أَرْشَدكُمْ لِمَعَالِم دِينه ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ اللَّه على ذلك
١٨ -
وَسَأَلَ جَمَاعَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرِيب رَبّنَا فَنُنَاجِيه أَمْ بَعِيد فَنُنَادِيه فَنَزَلَ ﴿وَإِذَا سَأَلَك عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيب﴾ مِنْهُمْ بعلمي فأخبرهم بذلك ﴿أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾ بِإِنَالَتِهِ مَا سَأَلَ ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾ دُعَائِي بِالطَّاعَةِ ﴿وليؤمنوا﴾ يداوموا على الإيمان ﴿بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ يَهْتَدُونَ