٢ -
﴿فَجَاءَتْهُ إحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء﴾ أَيْ وَاضِعَة كُمّ دِرْعهَا عَلَى وَجْههَا حَيَاء مِنْهُ ﴿قَالَتْ إنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْر مَا سَقَيْت لَنَا﴾ فَأَجَابَهَا مُنْكِرًا فِي نَفْسه أَخْذ الْأُجْرَة كَأَنَّهَا قَصَدَتْ الْمُكَافَأَة إنْ كَانَ مِمَّنْ يُرِيدهَا فَمَشَتْ بَيْن يَدَيْهِ فَجَعَلَتْ الرِّيح تَضْرِب ثَوْبهَا فَتَكْشِف سَاقَيْهَا فَقَالَ لَهَا امْشِي خَلْفِي وَدُلِّينِي عَلَى الطَّرِيق فَفَعَلَتْ إلَى أَنْ جَاءَ أَبَاهَا وَهُوَ شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام وَعِنْده عَشَاء فَقَالَ اجلس فتعش قال أَخَاف أَنْ يَكُون عِوَضًا مِمَّا سَقَيْت لَهُمَا وَإِنَّا أَهْل بَيْت لَا نَطْلُب عَلَى عَمَل خَيْر عِوَضًا قَالَ لَا عَادَتِي وَعَادَة آبَائِي نُقْرِي الضَّيْف وَنُطْعِم الطَّعَام فَأَكَلَ وَأَخْبَرَهُ بِحَالِهِ قال تعالى ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَص﴾ مَصْدَر بِمَعْنَى الْمَقْصُوص مِنْ قِتْله الْقِبْطِيّ وَقَصْدهمْ قَتْله وَخَوْفه مِنْ فِرْعَوْن ﴿قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْت مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ﴾ إذْ لَا سُلْطَان لِفِرْعَوْن عَلَى مدين
٢ -
﴿قَالَتْ إحْدَاهُمَا﴾ وَهِيَ الْمُرْسَلَة الْكُبْرَى أَوْ الصُّغْرَى ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾ اتَّخِذْهُ أَجِيرًا يَرْعَى غَنَمنَا بَدَلنَا ﴿إنَّ خَيْر مَنْ اسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين﴾ أَيْ اسْتَأْجِرْهُ لِقُوَّتِهِ وَأَمَانَته فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ رَفْعه حَجَر الْبِئْر وَمِنْ قَوْله لَهَا امْشِي خَلْفِي وَزِيَادَة أَنَّهَا لَمَّا جَاءَتْهُ وَعَلِمَ بِهَا صَوَّبَ رَأْسه فَلَمْ يَرْفَعهُ فَرَغِبَ فِي إنْكَاحه
٢ -
﴿قَالَ إنِّي أُرِيد أَنْ أُنْكِحك إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾ وَهِيَ الْكُبْرَى أَوْ الصُّغْرَى ﴿عَلَى أَنْ تَأْجُرنِي﴾ تَكُون أَجِيرًا لِي فِي رَعْي غَنَمِي ﴿ثماني حِجَج﴾ أَيْ سِنِينَ ﴿فَإِنْ أَتْمَمْت عَشْرًا﴾ أَيْ رَعْي عَشْر سِنِينَ ﴿فَمِنْ عِنْدك﴾ التَّمَام ﴿وَمَا أُرِيد أَنْ أَشُقّ عَلَيْك﴾ بِاشْتِرَاطِ الْعَشْر ﴿سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّه﴾ لِلتَّبَرُّكِ ﴿مِنْ الصَّالِحِينَ﴾ الْوَافِينَ بالعهد
٢ -
﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿ذَلِكَ﴾ الَّذِي قُلْته ﴿بَيْنِي وَبَيْنك أَيّمَا الْأَجَلَيْنِ﴾ الثَّمَان أَوْ الْعَشْر وَمَا زَائِدَة أَيْ رَعِيَّة ﴿قَضَيْت﴾ بِهِ أَيْ فَرَغْت مِنْهُ ﴿فَلَا عُدْوَان عَلَيَّ﴾ بِطَلَبِ الزِّيَادَة عَلَيْهِ ﴿وَاَللَّه عَلَى مَا نَقُول﴾ أَنَا وَأَنْتَ ﴿وَكِيل﴾ حَفِيظ أَوْ شَهِيد فَتَمَّ الْعَقْد بِذَلِكَ وَأَمَرَ شُعَيْب ابْنَته أَنْ تُعْطِي مُوسَى عَصَا يَدْفَع بِهَا السِّبَاع عَنْ غَنَمه وَكَانَتْ عِصِيّ الْأَنْبِيَاء عِنْده فَوَقَعَ فِي يَدهَا عَصَا آدَم مِنْ آس الْجَنَّة فَأَخَذَهَا مُوسَى بِعِلْمِ شُعَيْب


الصفحة التالية