٢٤ -
﴿فَلَمَّا فَصَلَ﴾ خَرَجَ ﴿طَالُوت بِالْجُنُودِ﴾ مِنْ بَيْت الْمَقْدِس وَكَانَ الْحَرّ شَدِيدًا وَطَلَبُوا مِنْهُ الْمَاء ﴿قَالَ إنَّ اللَّه مُبْتَلِيكُمْ﴾ مُخْتَبِركُمْ ﴿بِنَهَرٍ﴾ لِيَظْهَر الْمُطِيع مِنْكُمْ وَالْعَاصِي وَهُوَ بَيْن الْأُرْدُنّ وَفِلَسْطِين ﴿فمن شرب منه﴾ أي من ماءه ﴿فَلَيْسَ مِنِّي﴾ أَيْ مِنْ أَتْبَاعِي ﴿وَمَنْ لَمْ يَطْعَمهُ﴾ يَذُقْهُ ﴿فَإِنَّهُ مِنِّي إلَّا مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَة﴾ بِالْفَتْحِ وَالضَّمّ ﴿بِيَدِهِ﴾ فَاكْتَفَى بِهَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ مِنِّي ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ﴾ لَمَّا وَافَوْه بِكَثْرَةٍ ﴿إلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ فَاقْتَصَرُوا عَلَى الْغُرْفَة رُوِيَ أَنَّهَا كَفَتْهُمْ لِشُرْبِهِمْ وَدَوَابّهمْ وَكَانُوا ثَلَاثمِائَة وَبِضْعَة عَشَرَ رَجُلًا ﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ وَهُمْ الَّذِينَ اقْتَصَرُوا عَلَى الْغُرْفَة ﴿قَالُوا﴾ أَيْ الَّذِينَ شَرِبُوا ﴿لَا طَاقَة﴾ قُوَّة ﴿لَنَا الْيَوْم بِجَالُوت وَجُنُوده﴾ أَيْ بِقِتَالِهِمْ وَجَبُنُوا وَلَمْ يُجَاوِزُوهُ ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ﴾ يُوقِنُونَ ﴿أنهم ملاقوا اللَّه﴾ بِالْبَعْثِ وَهُمْ الَّذِينَ جَاوَزُوهُ ﴿كَمْ﴾ خَبَرِيَّة بِمَعْنَى كَثِير ﴿مِنْ فِئَة﴾ جَمَاعَة ﴿قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَة كَثِيرَة بِإِذْنِ اللَّه﴾ بِإِرَادَتِهِ ﴿وَاَللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ بِالْعَوْنِ وَالنَّصْر
٢٥ -
﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوت وَجُنُوده﴾ أَيْ ظَهَرُوا لِقِتَالِهِمْ وَتَصَافُّوا ﴿قَالُوا رَبّنَا أَفْرِغْ﴾ أَصْبِبْ ﴿عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامنَا﴾ بِتَقْوِيَةِ قُلُوبنَا عَلَى الْجِهَاد ﴿وانصرنا على القوم الكافرين﴾
٢٥ -
﴿فَهَزَمُوهُمْ﴾ كَسَرُوهُمْ ﴿بِإِذْنِ اللَّه﴾ بِإِرَادَتِهِ ﴿وَقَتَلَ دَاوُد﴾ وَكَانَ فِي عَسْكَر طَالُوت ﴿جَالُوت وَآتَاهُ﴾ أَيْ دَاوُد ﴿اللَّه الْمُلْك﴾ فِي بَنِي إسْرَائِيل ﴿وَالْحِكْمَة﴾ النُّبُوَّة بَعْد مَوْت شَمْوِيل وَطَالُوت وَلَمْ يَجْتَمِعَا لِأَحَدٍ قَبْله ﴿وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء﴾ كَصَنْعَةِ الدُّرُوع وَمَنْطِق الطَّيْر ﴿وَلَوْلَا دَفْع اللَّه النَّاس بَعْضَهْم﴾ بَدَل بَعْض مِنْ النَّاس ﴿بِبَعْض لَفَسَدَتْ الْأَرْض﴾ بِغَلَبَةِ الْمُشْرِكِينَ وَقَتْل الْمُسْلِمِينَ وَتَخْرِيب الْمَسَاجِد ﴿وَلَكِنَّ اللَّه ذُو فَضْل عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ فَدَفَعَ بَعْضهمْ ببعض
٢٥ -
﴿تِلْكَ﴾ هَذِهِ الْآيَات آيَات اللَّه ﴿نَتْلُوهَا﴾ نَقُصّهَا ﴿عَلَيْك﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بِالْحَقِّ﴾ بِالصِّدْقِ ﴿وَإِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ﴾ التَّأْكِيد بِأَنَّ وَغَيْرهَا رَدّ لِقَوْلِ الْكُفَّار لَهُ لَسْت مُرْسَلًا
٢٥ -
﴿تِلْكَ﴾ مُبْتَدَأ ﴿الرُّسُل﴾ نَعْت أَوْ عَطْف بَيَان وَالْخَبَر ﴿فَضَّلْنَا بَعْضهمْ عَلَى بَعْض﴾ بِتَخْصِيصِهِ بِمَنْقَبَةٍ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ ﴿مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّه﴾ كَمُوسَى ﴿وَرَفَعَ بَعْضهمْ﴾ أَيْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿دَرَجَات﴾ عَلَى غَيْره بِعُمُومِ الدَّعْوَة وَخَتْم النُّبُوَّة وَتَفْضِيل أُمَّته عَلَى سَائِر الْأُمَم وَالْمُعْجِزَات المتكاثرات والخصائص العديدة ﴿وآتينا عيسى بن مَرْيَم الْبَيِّنَات وَأَيَّدْنَاهُ﴾ قَوَّيْنَاهُ ﴿بِرُوحِ الْقُدُس﴾ جِبْرِيل يَسِير مَعَهُ حَيْثُ سَارَ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّه﴾ هَدَى النَّاس جَمِيعًا ﴿مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدهمْ﴾ بَعْد الرُّسُل أَيْ أُمَمهمْ ﴿مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات﴾ لِاخْتِلَافِهِمْ وَتَضْلِيل بَعْضهمْ بَعْضًا ﴿وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا﴾ لِمَشِيئَتِهِ ذَلِكَ ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ﴾ ثَبَتَ عَلَى إيمَانه ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ﴾ كَالنَّصَارَى بَعْد الْمَسِيح ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا اقْتَتَلُوا﴾ تَأْكِيد ﴿وَلَكِنَّ اللَّه يَفْعَل مَا يُرِيد﴾ مِنْ توفيق من شاء وخذلان من شاء