٢٦ -
﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتكُمْ﴾ أَيْ أُجُورهَا ﴿بالمن والأذى﴾ إبطالا ﴿كَاَلَّذِي﴾ أَيْ كَإِبْطَالِ نَفَقَة الَّذِي ﴿يُنْفِق مَاله رِئَاء النَّاس﴾ مُرَائِيًا لَهُمْ ﴿وَلَا يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر﴾ هُوَ الْمُنَافِق ﴿فَمَثَله كَمَثَلِ صَفْوَان﴾ حَجَر أَمْلَس ﴿عَلَيْهِ تُرَاب فَأَصَابَهُ وَابِل﴾ مَطَر شَدِيد ﴿فَتَرَكَهُ صَلْدًا﴾ صُلْبًا أَمْلَس لَا شَيْء عَلَيْهِ ﴿لَا يَقْدِرُونَ﴾ اسْتِئْنَاف لِبَيَانِ مَثَل الْمُنَافِق الْمُنْفِق رِئَاء النَّاس وَجَمْع الضَّمِير بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الَّذِي ﴿عَلَى شَيْء مِمَّا كَسَبُوا﴾ عَمِلُوا أَيْ لَا يَجِدُونَ لَهُ ثَوَابًا فِي الْآخِرَة كَمَا لَا يُوجَد عَلَى الصَّفْوَان شَيْء مِنْ التُّرَاب الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ لِإِذْهَابِ الْمَطَر لَهُ ﴿والله لا يهدي القوم الكافرين﴾
٢٦ -
﴿وَمَثَل﴾ نَفَقَات ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ ابْتِغَاء﴾ طَلَب ﴿مرضاة اللَّه وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسهمْ﴾ أَيْ تَحْقِيقًا لِلثَّوَابِ عليه بخلاف المنافقين الذين لا يرجون لِإِنْكَارِهِمْ لَهُ وَمِنْ ابْتِدَائِيَّة ﴿كَمَثَلِ جَنَّة﴾ بُسْتَان ﴿بِرَبْوَةٍ﴾ بِضَمِّ الرَّاء وَفَتْحهَا مَكَان مُرْتَفِع مُسْتَوٍ ﴿أَصَابَهَا وَابِل فَآتَتْ﴾ أَعْطَتْ ﴿أُكُلهَا﴾ بِضَمِّ الْكَاف وَسُكُونهَا ثَمَرهَا ﴿ضِعْفَيْنِ﴾ مِثْلَيْ مَا يُثْمِر غَيْرهَا ﴿فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِل فَطَلّ﴾ مَطَر خَفِيف يُصِيبهَا وَيَكْفِيهَا لِارْتِفَاعِهَا الْمَعْنَى تُثْمِر وَتَزْكُو كَثُرَ الْمَطَر أَمْ قَلَّ فَكَذَلِكَ نَفَقَات مَنْ ذُكِرَ تَزْكُو عِنْد اللَّه كَثُرَتْ أَمْ قَلَّتْ ﴿وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير﴾ فَيُجَازِيكُمْ بِهِ
٢٦ -
﴿أَيَوَدُّ﴾ أَيُحِبُّ ﴿أَحَدكُمْ أَنْ تَكُون لَهُ جَنَّة﴾ بُسْتَان ﴿مِنْ نَخِيل وَأَعْنَاب تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الأنهار له فيها﴾ ثمر ﴿من كل الثمرات وَقَدْ {أَصَابَهُ الْكِبَر﴾ فَضَعَفَ مِنْ الْكِبَر عَنْ الْكَسْب ﴿وَلَهُ ذُرِّيَّة ضُعَفَاء﴾ أَوْلَاد صِغَار لَا يقدرون عليه ﴿فأصابها إعصار﴾ ريح شديدة فيها ﴿فِيهِ نَار فَاحْتَرَقَتْ﴾ فَفَقَدَهَا أَحْوَج مَا كَانَ إلَيْهَا وَبَقِيَ هُوَ وَأَوْلَاده عَجَزَة مُتَحَيِّرِينَ لَا حِيلَة لَهُمْ وَهَذَا تَمْثِيل لِنَفَقَةِ الْمُرَائِي وَالْمَانّ فِي ذَهَابهَا وَعَدَم نَفْعهَا أَحْوَج مَا يَكُون إلَيْهَا فِي الْآخِرَة وَالِاسْتِفْهَام بِمَعْنَى النَّفْي وَعَنْ بن عَبَّاس هُوَ الرَّجُل عَمِلَ بِالطَّاعَاتِ ثُمَّ بَعَثَ لَهُ الشَّيْطَان فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَحْرَقَ أَعْمَاله ﴿كَذَلِكَ﴾ كَمَا بُيِّنَ مَا ذُكِرَ ﴿يُبَيِّن اللَّه لكم الآيات لعلكم تتفكرون﴾ فتعتبرون
٢٦ -
﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا﴾ أَيْ زَكُّوا ﴿مِنْ طَيِّبَات﴾ جياد ﴿ما كسبتم﴾ من المال ﴿وم﴾ ن طيبات ﴿ما أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْض﴾ مِنْ الْحُبُوب وَالثِّمَار ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا﴾ تَقْصِدُوا ﴿الْخَبِيث﴾ الرَّدِيء ﴿مِنْهُ﴾ أَيْ من المذكور ﴿تنفقون﴾ هـ فِي الزَّكَاة حَال مِنْ ضَمِير تَيَمَّمُوا ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ﴾ أَيْ الْخَبِيث لَوْ أَعْطَيْتُمُوهُ فِي حُقُوقكُمْ ﴿إلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ بِالتَّسَاهُلِ وَغَضّ الْبَصَر فَكَيْفَ تُؤَدُّونَ مِنْهُ حَقّ اللَّه ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَنِيّ﴾ عَنْ نَفَقَاتكُمْ ﴿حَمِيد﴾ مَحْمُود عَلَى كل حال