٢ -
﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِد الْحَرَام﴾ أَيْ عَنْ الْوُصُول إلَيْهِ ﴿وَالْهَدْي﴾ مَعْطُوف عَلَى كم ﴿مَعْكُوفًا﴾ مَحْبُوسًا حَال ﴿أَنْ يَبْلُغ مَحِلّه﴾ أَيْ مَكَانه الَّذِي يُنْحَر فِيهِ عَادَة وَهُوَ الْحَرَم بَدَل اشْتِمَال ﴿وَلَوْلَا رِجَال مُؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُؤْمِنَات﴾ مَوْجُودُونَ بِمَكَّة مَعَ الْكُفَّار ﴿لَمْ تَعْلَمُوهُمْ﴾ بصفة الإيمان ﴿أن تطؤوهم﴾ أَيْ تَقْتُلُوهُمْ مَعَ الْكُفَّار لَوْ أُذِنَ لَكُمْ فِي الْفَتْح بَدَل اشْتِمَال مِنْ هُمْ ﴿فَتُصِيبكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّة﴾ أَيْ إثْم ﴿بِغَيْرِ عِلْم﴾ مِنْكُمْ بِهِ وَضَمَائِر الْغِيبَة لِلصِّنْفَيْنِ بِتَغْلِيبِ الذُّكُور وَجَوَاب لَوْلَا مَحْذُوف أَيْ لَأُذِنَ لَكُمْ فِي الْفَتْح لَكِنْ لَمْ يُؤْذَن فِيهِ حِينَئِذٍ ﴿لِيُدْخِل اللَّه فِي رَحْمَته مَنْ يَشَاء﴾ كَالْمُؤْمِنِينَ الْمَذْكُورِينَ ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا﴾ تَمَيَّزُوا عَنْ الْكُفَّار ﴿لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ﴾ مِنْ أَهْل مَكَّة حِينَئِذٍ بِأَنْ نَأْذَن لَكُمْ فِي فَتْحهَا ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾ مُؤْلِمًا
٢ -
﴿إذْ جَعَلَ﴾ مُتَعَلِّق بِعَذَّبْنَا ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فَاعِل ﴿فِي قُلُوبهمْ الْحَمِيَّة﴾ الْأَنَفَة مِنْ الشَّيْء ﴿حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة﴾ بَدَل مِنْ الْحَمِيَّة وَهِيَ صَدّهمْ النَّبِيّ وَأَصْحَابه عَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام ﴿فَأَنْزَلَ اللَّه سَكِينَته عَلَى رَسُوله وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ فَصَالَحُوهُمْ عَلَى أَنْ يَعُودُوا مِنْ قَابِل وَلَمْ يَلْحَقهُمْ مِنْ الْحَمِيَّة مَا لَحِقَ الْكُفَّار حَتَّى يُقَاتِلُوهُمْ ﴿وَأَلْزَمَهُمْ﴾ أَيْ الْمُؤْمِنِينَ ﴿كَلِمَة التَّقْوَى﴾ لَا إلَه إلَّا اللَّه مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَأُضِيفَتْ إلَى التَّقْوَى لِأَنَّهَا سَبَبهَا ﴿وَكَانُوا أَحَقّ بِهَا﴾ بِالْكَلِمَةِ مِنْ الْكُفَّار ﴿وَأَهْلهَا﴾ عَطْف تَفْسِيرِيّ ﴿وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا﴾
أَيْ لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ وَمِنْ مَعْلُومه تَعَالَى أَنَّهُمْ أَهْلهَا
٢ -
﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ﴾ رَأَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْم عَام الْحُدَيْبِيَة قَبْل خُرُوجه أَنَّهُ يَدْخُل مَكَّة هُوَ وَأَصْحَابه آمِنِينَ وَيَحْلِقُونَ وَيُقَصِّرُونَ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَصْحَابه فَفَرِحُوا فَلَمَّا خَرَجُوا مَعَهُ وَصَدَّهُمْ الْكُفَّار بِالْحُدَيْبِيَةِ وَرَجَعُوا وَشَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَرَابَ بَعْض الْمُنَافِقِينَ نَزَلَتْ وَقَوْله بِالْحَقِّ مُتَعَلِّق بِصَدَقَ أو حال من الرؤيا وما بعدها تفسيرها ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِد الْحَرَام إنْ شَاءَ اللَّه﴾ لِلتَّبَرُّكِ ﴿آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسكُمْ﴾ أَيْ جَمِيع شُعُورهَا ﴿وَمُقَصِّرِينَ﴾ بَعْض شُعُورهَا وَهُمَا حَالَانِ مُقَدَّرَتَانِ ﴿لَا تَخَافُونَ﴾ أبدا ﴿فعلم﴾ في الصلح ﴿ما لا تَعْلَمُوا﴾ مِنْ الصَّلَاح ﴿فَجَعَلَ مِنْ دُون ذَلِكَ﴾ أَيْ الدُّخُول ﴿فَتْحًا قَرِيبًا﴾ هُوَ فَتْح خَيْبَر وَتَحَقَّقَتْ الرُّؤْيَا فِي الْعَام الْقَابِل
٢ -
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ لِيُظْهِرهُ﴾ أَيْ دِين الْحَقّ ﴿عَلَى الدِّين كُلّه﴾ عَلَى جَمِيع بَاقِي الْأَدْيَان ﴿وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا﴾ أَنَّك مُرْسَل بِمَا ذُكِرَ كَمَا قَالَ اللَّه تعالى


الصفحة التالية
Icon