الْأَمر خصصت بِهِ دونكم وأعطيته من بَيْنكُم
قَالُوا: فأنصفنا فإنَّا غير تاركيك حَتَّى نحاكمك
قَالَ: فاجعلوا بيني وَبَيْنكُم من شِئْتُم أحاكمكم
قَالُوا: كاهنة من سعد هُذَيْل
قَالَ: نعم - وَكَانَت باشراف الشَّام - فَركب عبد الْمطلب وَمَعَهُ نفر من بني عبد منَاف وَركب من كل ركب من قُرَيْش نفر - وَالْأَرْض إِذْ ذَاك مفاوز - فَخَرجُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض المفاوز بَين الْحجاز وَالشَّام فنى مَاء عبد الْمطلب وَأَصْحَابه فظمئوا حَتَّى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا مِمَّن مَعَهم من قبائل قُرَيْش فَأَبَوا عَلَيْهِم وَقَالُوا: إِنَّا فِي مفازة نخشى فِيهَا على أَنْفُسنَا مثل مَا أَصَابَكُم
فَلَمَّا رأى عبد الْمطلب مَا صنع الْقَوْم وَمَا يتخوف على نَفسه وَأَصْحَابه قَالَ: مَاذَا ترَوْنَ قَالُوا: مَا رَأينَا الا تبع لرأيك فمرنا مَا شِئْت
قَالَ: فَإِنِّي أرى أَن يحْفر كل رجل مِنْكُم لنَفسِهِ لما بكم الْآن من الْقُوَّة كلما مَاتَ رجل دَفنه أَصْحَابه فِي حفرته ثمَّ واروه حَتَّى يكون آخركم رجلا فضيعة رجل وَاحِد أيسر من ضَيْعَة ركب جَمِيعًا
قَالُوا: سمعنَا مَا أردْت
فَقَامَ كل رجل مِنْهُم يحْفر حفرته ثمَّ قعدوا ينتظرون الْمَوْت عطشاً ثمَّ إِن عبد الْمطلب قَالَ لأَصْحَابه: وَالله إِن إلقاءنا بِأَيْدِينَا لعجز مَا نبتغي لأنفسنا حِيلَة عَسى الله أَن يرزقنا مَاء بِبَعْض الْبِلَاد ارحلوا فارتحلوا حَتَّى فرغوا وَمن مَعَهم من قُرَيْش ينظرُونَ إِلَيْهِم وَمَا هم فاعلون فَقَامَ عبد الْمطلب إِلَى رَاحِلَته فركبها فَلَمَّا انبعثت انفجرت من تَحت خفها عين من مَاء عذب فَكبر عبد الْمطلب وَكبر أَصْحَابه ثمَّ نزل فَشرب وَشَرِبُوا واستقوا حَتَّى ملأوا سقيتهم ثمَّ دَعَا الْقَبَائِل الَّتِي مَعَه من قُرَيْش فَقَالَ: هَلُمَّ المَاء قد سقانا الله تَعَالَى فَاشْرَبُوا واستقوا
فَقَالَت الْقَبَائِل الَّتِي نازعته: قد - وَالله - قضى الله لَك يَا عبد الْمطلب علينا وَالله لَا نخاصمك فِي زَمْزَم
فَارْجِع إِلَى سقايتك راشداً
فَرجع وَرَجَعُوا مَعَه وَلم يمضوا إِلَى الكاهنة وخلوا بَينه وَبَين زَمْزَم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة وَعمر بن شبة والفاكهاني فِي تَارِيخ مَكَّة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر بن عبد الله رضى الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ
وَأخرج المستغفري فِي الطِّبّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ من شربه لمَرض شفَاه الله أَو جوع أشبعه الله أَو لحَاجَة قَضَاهَا الله