غرس شَجَرَة فعظمت وَذَهَبت كل مَذْهَب ثمَّ قطعهَا ثمَّ جعل يعملها سفينة ويمرون فيسألونه فَيَقُول: أعملها سفينة فيسخرون مِنْهُ وَيَقُولُونَ: تعْمل سفينة فِي الْبر وَكَيف تجْرِي قَالَ: سَوف تعلمُونَ
فَلَمَّا فرغ مِنْهَا وفار التَّنور وَكثر المَاء فِي السكَك خشيت أم الصَّبِي عَلَيْهِ وَكَانَت تحبه حبا شَدِيدا فَخرجت إِلَى الْجَبَل حَتَّى بلغت ثلثه فَلَمَّا بلغَهَا المَاء خرجت حَتَّى اسْتَوَت على الْجَبَل فَلَمَّا بلغ المَاء رقبَتهَا رفعته بَين يَديهَا حَتَّى ذهب بهَا المَاء فَلَو رحم الله مِنْهُم أحدا لرحم أم الصَّبِي
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَت سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام لَهَا أَجْنِحَة وَتَحْت الأجنحة إيوَان
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَام أَبُو الْعَرَب وَحَام أَبُو الْحَبَش وَيَافث أَبُو الرّوم وَذكر أَن طول السَّفِينَة كَانَ ثَلَاثمِائَة ذِرَاع وعرضها خَمْسُونَ ذِرَاعا وطولها فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا وبابها فِي عرضهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ طول سفينة نوح ثلثمِائة ذِرَاع وطولها فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا
وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أَن نوحًا لما أَمر أَن يصنع الْفلك قَالَ: يَا رب وَأَيْنَ الْخشب قَالَ: إغرس الشّجر فغرس الساج عشْرين سنة وكف عَن الدُّعَاء وَكفوا عَن الِاسْتِهْزَاء فَلَمَّا أدْرك الشّجر أمره ربه فقطعها وجففها فَقَالَ: يَا رب كَيفَ اتخذ هَذَا الْبَيْت قَالَ: اجْعَلْهُ على ثَلَاثَة صور
رَأسه كرأس الديك وجؤجؤه كجؤجؤ الطير وذنبه كذنب الديك وَاجْعَلْهَا مطبقة وَاجعَل لَهَا أبواباً فِي جنبها وشدها بدسر - يَعْنِي مسامير الْحَدِيد - وَبعث الله جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يُعلمهُ صَنْعَة السَّفِينَة فَكَانُوا يَمرونَ بِهِ ويسخرون مِنْهُ وَيَقُولُونَ: أَلا ترَوْنَ إِلَى هَذَا الْمَجْنُون يتَّخذ بَيْتا ليسير بِهِ على المَاء وَأَيْنَ المَاء وَيضْحَكُونَ
وَذَلِكَ قَوْله ﴿وَكلما مر عَلَيْهِ مَلأ من قومه سخروا مِنْهُ﴾ فَجعل السَّفِينَة سِتّمائَة ذِرَاع طولهَا وَسِتِّينَ ذِرَاعا فِي الأَرْض وعرضها ثلثمِائة ذِرَاع وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ وَأمر أَن يطليها بالقار وَلم يكن فِي الأَرْض قار ففجر الله لَهُ عين القار حَيْثُ تنحت السَّفِينَة تغلي غلياناً حَتَّى طلاها فَلَمَّا فرغ مِنْهَا جعل لَهَا ثَلَاثَة أَبْوَاب وأطبقها فَحمل فِيهَا السبَاع وَالدَّوَاب فَألْقى الله على الْأسد الْحمى وشغله بِنَفسِهِ عَن