بالحبل فَخرج فَلَمَّا رَآهُ صَاحب الدَّلْو دَعَا رجلا من أَصْحَابه يُقَال لَهُ بشراي فَقَالَ: يَا بشراي هَذَا غُلَام
فَسمع بِهِ إخْوَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فجاؤوا فَقَالُوا: هَذَا عبد لنا آبق ورطنوا لَهُ بلسانهم فَقَالُوا: لَئِن أنْكرت إِنَّك عبد لنا لنقتلنك أترانا نرْجِع بك إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام وَقد أخبرناه إِن الذِّئْب قد أكلك
قَالَ: يَا إخوتاه ارْجعُوا بِي إِلَى أبي يَعْقُوب فَأَنا أضمن لكم رِضَاهُ وَلَا أذكر لكم هَذَا أبدا
فَأَبَوا فَقَالَ الْغُلَام: أَنا عبد لَهُم
فَلَمَّا اشْتَرَاهُ الرّجلَانِ فرقا من الرّفْقَة أَن يَقُولَا اشْتَرَيْنَاهُ فيسألونهما الشّركَة فِيهِ فَقَالَا: نقُول إِن سألونا مَا هَذَا نقُول هَذِه بضَاعَة استبضعناها من الْبِئْر
فَذَلِك قَوْله ﴿وأسروه بضَاعَة﴾ ﴿وشروه بِثمن بخس دَرَاهِم مَعْدُودَة﴾ - وَكَانَت عشْرين درهما - وَكَانُوا فِي يُوسُف من الزاهدين
فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى مصر فَاشْتَرَاهُ الْعَزِيز - ملك مصر - فَانْطَلق بِهِ إِلَى بَيته فَقَالَ لامْرَأَته ﴿أكرمي مثواه عَسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولدا﴾ فأحبته امْرَأَته فَقَالَت لَهُ: يَا يُوسُف مَا أحسن شعرك
قَالَ: هُوَ أوّل مَا يَتَنَاثَر من جَسَدِي
قَالَ: يَا يُوسُف مَا أحسن عَيْنَيْك قَالَ: هما أوَّل مَا يسيلان إِلَى الأَرْض من جَسَدِي
قَالَت: يَا يُوسُف مَا أحسن وَجهك قَالَ: هُوَ للتراب يَأْكُلهُ ﴿وَقَالَت هيت لَك﴾ قَالَ هَلُمَّ لَك - وَهِي بالقبطية - قَالَ معَاذ الله إِنَّه رَبِّي قَالَ: سَيِّدي أحسن مثواي فَلَا أخونه فِي أَهله
فَلم تزل بِهِ حَتَّى أطمعها فهمّت بِهِ وهمّ بهَا فدخلا الْبَيْت ﴿وغلقت الْأَبْوَاب﴾ فَذهب ليحل سراويله فَإِذا هُوَ بِصُورَة يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام قَائِما فِي الْبَيْت قد عض على أُصْبُعه يَقُول: يَا يُوسُف لَا تواقعها فَإِنَّمَا مثلك مثل الطير فِي جوّ السَّمَاء لَا يُطَاق وَمثلك إِذا وَقعت عَلَيْهَا مثله إِذا مَاتَ فَوَقع على الأَرْض لَا يَسْتَطِيع أَن يدْفع عَن نَفسه وَمثلك مثل الثور الصعب الَّذِي لم يعْمل عَلَيْهِ وَمثلك إِذا واقعتها مثله إِذا مَاتَ فَدخل المَاء فِي أصل قرنيه لَا يَسْتَطِيع أَن يدْفع عَن نَفسه
فَربط سراويله وَذهب ليخرج فَأَدْرَكته فَأخذت بمؤخر قَمِيصه من خَلفه فخرقته حَتَّى أخرجته مِنْهُ وَسقط وَطَرحه يُوسُف وَاشْتَدَّ نَحْو الْبَاب والفيا سَيِّدهَا جَالِسا عِنْد الْبَاب هُوَ وَابْن عَم الْمَرْأَة فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَة ﴿قَالَت مَا جَزَاء من أَرَادَ بأهلك سوءا إِلَّا أَن يسجن أَو عَذَاب أَلِيم﴾ إِنَّه راودني عَن نَفسِي فَدَفَعته عني فشققت قَمِيصه
فَقَالَ يُوسُف: لَا بل هِيَ راودتني عَن نَفسِي فأبيت وفررت مِنْهَا فأدركتني فَأخذت بقميصي فشقته عَليّ
فَقَالَ ابْن عَمها: فِي الْقَمِيص تبيان الْأَمر انْظُرُوا


الصفحة التالية
Icon