فَأَقَامَ روبيل بِمصْر وَأَقْبل التِّسْعَة إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فأخبروه الْخَبَر فَبكى وَقَالَ: يَا بني مَا تذهبون من مرو إِلَّا نقصتم وَاحِدًا
ذهبتم فنقصتم يُوسُف ثمَّ ذهبتم الثَّانِيَة فنقصتم شَمْعُون ثمَّ ذهبتم الثَّالِثَة فنقصتم بنيامين وروبيل ﴿فَصَبر جميل عَسى الله أَن يأتيني بهم جَمِيعًا إِنَّه هُوَ الْعَلِيم الْحَكِيم وَتَوَلَّى عَنْهُم وَقَالَ يَا أسفى على يُوسُف وابيضت عَيناهُ من الْحزن فَهُوَ كظيم﴾ من الغيظ
﴿قَالُوا تالله تفتأ تذكر يُوسُف حَتَّى تكون حرضاً أَو تكون من الهالكين﴾ الميتين
﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله وَأعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ﴾
قَالَ: أَتَى يُوسُف جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فِي السجْن فَسلم عَلَيْهِ وجاءه فِي صُورَة رجل حسن الْوَجْه طيب الرّيح نقي الثِّيَاب فَقَالَ لَهُ يُوسُف: أَيهَا الْملك الْحسن الْوَجْه الْكَرِيم على ربه الطّيب رِيحه حَدثنِي كَيفَ يَعْقُوب قَالَ حزن عَلَيْك حزنا شَدِيدا
قَالَ فَمَا بلغ من حزنه قَالَ حزن سبعين مثكلة
قَالَ فَمَا بلغ من أجره قَالَ أجر سبعين شَهِيدا
قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: فَإلَى من أَوَى بعدِي قَالَ إِلَى أَخِيك بينامين
قَالَ فتراني أَلْقَاهُ قَالَ نعم
فَبكى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لما لَقِي أَبوهُ بعده ثمَّ قَالَ: مَا أُبَالِي بِمَا لقِيت أَن الله أرانيه
قَالَ: فَلَمَّا أَخْبرُوهُ بِدُعَاء الْملك أحست نفس يَعْقُوب وَقَالَ: مَا يكون فِي الأَرْض صديق إِلَّا ابْني فطمع وَقَالَ: لَعَلَّه يُوسُف
قَالَ: ﴿يَا بني اذْهَبُوا فتحسسوا من يُوسُف وأخيه﴾ بِمصْر ﴿وَلَا تيأسوا من روح الله﴾
قَالَ: من فرج الله أَن يرد يُوسُف فَلَمَّا رجعُوا إِلَيْهِ ﴿قَالُوا يَا أَيهَا الْعَزِيز مسنا وأهلنا الضّر وَجِئْنَا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الْكَيْل﴾ بهَا كَمَا كنت تُعْطِينَا بِالدَّرَاهِمِ الجيدة ﴿وَتصدق علينا﴾ تفضل مَا بَين الْجِيَاد والرديئة
قَالَ لَهُم يُوسُف - ورحمهم عِنْد ذَلِك -: ﴿مَا فَعلْتُمْ بِيُوسُف وأخيه إِذْ أَنْتُم جاهلون قَالُوا أئنك لأَنْت يُوسُف قَالَ أَنا يُوسُف وَهَذَا أخي﴾
فاعتذروا إِلَيْهِ ﴿قَالُوا تالله لقد آثرك الله علينا وَإِن كُنَّا لخاطئين قَالَ لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم﴾ لَا أذكر لكم ذنبكم ﴿يغْفر الله لكم﴾
ثمَّ قَالَ مَا فعل أبي بعدِي قَالُوا عمي من الْحزن
فَقَالَ ﴿اذْهَبُوا بقميصي هَذَا فألقوه على وَجه أبي يَأْتِ بَصيرًا وأتوني بأهلكم أَجْمَعِينَ﴾
فَقَالَ يهوذا أَنا ذهبت بالقميص إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ متلطخ بالدماء وَقلت: أَن يُوسُف قد أكله الذِّئْب وَأَنا أذهب بالقميص وَأخْبرهُ أَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام حَيّ فأفرحه كَمَا أحزنته
فَهُوَ كَانَ البشير
فَلَمَّا ﴿فصلت العير﴾ من مصر