ذَلِك ميتَة الْحق
فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم الْملك شقّ عَلَيْهِ أَن لم يقدر عَلَيْهِم أَحيَاء وَقَالَ: لَا أدفنهم إِذا فائتوني بصندوق من ذهب
فَأَتَاهُ آتٍ مِنْهُم فِي الْمَنَام فَقَالَ: أردْت أَن تجعلنا فِي صندوق من ذهب فَلَا تفعل وَدعنَا فِي كهفنا فَمن التُّرَاب خلقنَا وَإِلَيْهِ نعود
فتركهم فِي كهفهم وَبنى على كهفهم مَسْجِدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل من حواريي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى مَدِينَة أَصْحَاب الْكَهْف فَأَرَادَ أَن يدخلهَا فَقيل: على بَابهَا صنم لَا يدخلهَا أحد إِلَّا سجد لَهُ فكره أَن يدْخل فَأتى حَماما فَكَانَ فِيهِ قَرِيبا من تِلْكَ الْمَدِينَة وَكَانَ يعْمل فِيهِ يُؤَاجر نَفسه من صَاحب الْحمام وَرَأى صَاحب الْحمام فِي حمامه الْبركَة والرزق وَجعل يسترسل إِلَيْهِ وعلقه فتية من أهل الْمَدِينَة فَجعل يُخْبِرهُمْ عَن خبر السَّمَاء وَالْأَرْض وَخبر الْآخِرَة حَتَّى آمنُوا بِهِ وَصَدقُوهُ وَكَانُوا على مثل حَاله فِي حسن الْهَيْئَة وَكَانَ يشْتَرط على صَاحب الْحمام: أَن اللَّيْل لي وَلَا تحول بيني وَبَين الصَّلَاة إِذا حضرت حَتَّى أَتَى ابْن الْملك بِامْرَأَة يدْخل بهَا الْحمام فَعَيَّرَهُ الْحوَاري فَقَالَ: أَنْت ابْن الْملك وَتدْخل مَعَ هَذِه الكداء
فاستحيا فَذهب فَرجع مرّة أُخْرَى فَسَبهُ وانتهره فَلم يلْتَفت حَتَّى دخل - وَدخلت مَعَه الْمَرْأَة فباتا فِي الْحمام جَمِيعًا فماتا فِيهِ
فَأتى الْملك فَقيل لَهُ: قتل ابْنك صَاحب الْحمام
فالتمس فَلم يقدر عَلَيْهِ وهرب من كَانَ يَصْحَبهُ فسموا الْفتية
فالتمسوا فَخَرجُوا من الْمَدِينَة فَمروا بِصَاحِب لَهُم فِي زرع لَهُ وَهُوَ على مثل أَمرهم فَذكرُوا لَهُ أَنهم التمسوا فَانْطَلق مَعَه وَمَعَهُ كلب حَتَّى آواهم اللَّيْل إِلَى الْكَهْف فَدَخَلُوا فِيهِ فَقَالُوا: نبيت هَهُنَا اللَّيْلَة حَتَّى نصبح إِن شَاءَ الله ثمَّ تروا رَأْيكُمْ
فَضرب على آذانهم فَخرج الْملك لأَصْحَابه يبتغونهم حَتَّى وجدوهم قد دخلُوا الْكَهْف فَكلما أَرَادَ الرجل مِنْهُم أَن يدْخل أرعب فَلم يطق أحد أَن يدْخلهُ فَقَالَ لَهُ قَائِل: أَلَسْت قلت: لَو قدرت عَلَيْهِم قَتلتهمْ قَالَ: بلَى
قَالَ: فَابْن عَلَيْهِم بَاب الْكَهْف ودعهم يموتوا عطشاً وجوعاً
فَفعل
ثمَّ صَبَرُوا زَمَانا ثمَّ إِن راعي غنم أدْركهُ الْمَطَر عِنْد الْكَهْف فَقَالَ: لَو فتحت هَذَا الْكَهْف وأدخلت غنمي من الْمَطَر فَلم يزل يعالجه حَتَّى فتح لغنمه فادخلها فِيهِ ورد الله أَرْوَاحهم فِي أَجْسَادهم من الْغَد حِين أَصْبحُوا فبعثوا أحدهم بورق ليَشْتَرِي لَهُم طَعَاما فَكلما أَتَى بَاب مدينتهم لَا يرى أحد من ورقهم شَيْئا إِلَّا استنكرها حَتَّى جَاءَ رجلا فَقَالَ: بِعني