السن هُوَ وَامْرَأَته
فَبينا هُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب حَيْثُ يذبح القربان إِذا هُوَ بِرَجُل عَلَيْهِ الْبيَاض حياله وَهُوَ جِبْرِيل فَقَالَ: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نبشرك بِغُلَام اسْمه يحيى﴾ هُوَ اسْم من أَسمَاء الله اشتق من حَيّ سَمَّاهُ الله فَوق عَرْشه ﴿لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا﴾ لم يَجْعَل لزكريا من قبل يحيى ولد لَهُ ﴿هَل تعلم لَهُ سميا﴾ يَعْنِي هَل تعلم لَهُ ولدا وَلم يكن لزكريا قبله ولد وَلم يكن قبل يحيى أحد يُسمى يحيى قَالَ: وَكَانَ اسْمه حَيا فَلَمَّا وهب الله لسارة إِسْحَق فَكَانَ اسْمهَا يسارة ويسارة من النِّسَاء الَّتِي لَا تَلد وَسَارة من النِّسَاء: الطالقة الرَّحِم الَّتِي تَلد فسماها الله سارة وحول الْيَاء من سارة إِلَى حَيّ فَسَماهُ يحيى فَقَالَ: ﴿رب أَنى يكون لي غُلَام وَكَانَت امْرَأَتي عاقراً﴾ خَافَ أَنَّهَا لَا تَلد
قَالَ: ﴿كَذَلِك قَالَ رَبك﴾ يَا زَكَرِيَّا ﴿هُوَ عليّ هَين وَقد خلقتك من قبل﴾ أَن أهب لَك يحيى ﴿وَلم تَكُ شَيْئا﴾ وَكَذَلِكَ أقدر على أَن أخلق من الْكَبِير والعاقر
وَذَلِكَ أَن إِبْلِيس أَتَاهُ فَقَالَ: يَا زَكَرِيَّا دعاؤك كَانَ خفِيا فأجبت بِصَوْت رفيع وبشرت بِصَوْت عَال ذَلِك صَوت من الشَّيْطَان لَيْسَ من جِبْرِيل وَلَا من رَبك
﴿قَالَ رب اجْعَل لي آيَة﴾ حَتَّى أعرف أَن هَذِه الْبُشْرَى مِنْك
﴿قَالَ آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال﴾ يَعْنِي صَحِيحا من غير خرس
فَحَاضَت زَوجته فَلَمَّا طهرت طَاف عَلَيْهَا فاستحملت فَأصْبح لَا يتَكَلَّم وَكَانَ إِذا أَرَادَ التَّسْبِيح وَالصَّلَاة أطلق الله لِسَانه فَإِذا أَرَادَ أَن يكلم النَّاس اعتقل لِسَانه فَلَا يَسْتَطِيع أَن يتَكَلَّم وَكَانَت عُقُوبَة لَهُ لِأَنَّهُ بشر بِالْوَلَدِ فَقَالَ: ﴿أَنى يكون لي غُلَام﴾ فخاف أَن يكون الصَّوْت من غير الله ﴿فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب﴾ يَعْنِي من مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ
فَأوحى إِلَيْهِم بِكِتَاب كتبه بِيَدِهِ ﴿أَن سبحوا بكرَة وعشياً﴾ يَعْنِي صلوا صَلَاة الْغَدَاة وَالْعصر فولد لَهُ يحيى على مَا بشره الله نَبيا تقياً صَالحا ﴿يَا يحيى خُذ الْكتاب بِقُوَّة﴾ يَعْنِي بجد وَطَاعَة واجتهاد وشكر وبالعمل بِمَا فِيهِ ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم﴾ يَعْنِي الْفَهم ﴿صَبيا﴾ صَغِيرا وَذَلِكَ أَنه مر على صبية أتراب لَهُ يَلْعَبُونَ على شاطئ نهر بطين وبماء فَقَالُوا: يَا يحيى تعالَ حَتَّى نلعب فَقَالَ: سُبْحَانَ الله أَو للعب خلقنَا ﴿وَحَنَانًا﴾ يَعْنِي وَرَحْمَة ﴿منا﴾ وعطفاً ﴿وَزَكَاة﴾ يَعْنِي وَصدقَة على زَكَرِيَّا ﴿وَكَانَ تقياً﴾ يَعْنِي مطهراً مُطيعًا لله ﴿وَبرا بِوَالِديهِ﴾ كَانَ لَا يَعْصِيهمَا ﴿وَلم يكن جباراً﴾ يَعْنِي قتال النَّفس الَّتِي حرم الله قَتلهَا ﴿عصياً﴾ يَعْنِي عَاصِيا لرَبه
﴿وَسَلام عَلَيْهِ﴾ يَعْنِي حِين سلم الله عَلَيْهِ ﴿يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث حَيا﴾