أمره الله عز وَجل فَمَا أَن جَاوز الْبَحْر (قَالَ أَصْحَاب مُوسَى: إِنَّا لمدركون) (الشُّعَرَاء الْآيَة ٦١) إِنَّا نَخَاف أَن لَا يكون فِرْعَوْن غرق وَلَا نَأْمَن هَلَاكه فَدَعَا ربه فَأخْرجهُ لَهُ بِبدنِهِ من الْبَحْر حَتَّى استيقنوا
ثمَّ مروا بعد ذَلِك (على قوم يعكفون على أصنام لَهُم قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة
قَالَ إِنَّكُم قوم تجهلون إِن هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هم فِيهِ وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ) (الْأَعْرَاف آيَة ١٣٨) قد رَأَيْتُمْ من العبر مَا يكفيكم وسمعتم بِهِ فَمضى حَتَّى أنزلهم منزلا ثمَّ قَالَ لَهُم: أطِيعُوا هَارُون فَإِنِّي قد استخلفته عَلَيْكُم وَإِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي وأجلهم ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَن يرجع إِلَيْهِم فِيهَا فَلَمَّا أَتَى ربه وَأَرَادَ أَن يكلمهُ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا - فصامهن ليلهن ونهارهن - كره أَن يكلم ربه وريح فَمه ريح فَم الصَّائِم فَتَنَاول مُوسَى من نَبَات الأَرْض شَيْئا فمضغه
فَقَالَ لَهُ ربه: - حِين أَتَاهُ - لم أفطرت وَهُوَ أعلم بِالَّذِي كَانَ
قَالَ: يَا رب إِنِّي كرهت أَن أُكَلِّمك إِلَّا فمي طيب الرّيح
قَالَ: وَمَا علمت يَا مُوسَى أَن ريح فَم الصَّائِم أطيب عِنْدِي من ريح الْمسك ارْجع حَتَّى تَصُوم عشرَة أَيَّام ثمَّ ائْتِنِي
فَفعل مُوسَى الَّذِي أمره الله بِهِ فَلَمَّا رأى قوم مُوسَى أَنه لم يَأْتهمْ للأجل ساءهم ذَلِك وَقد كَانَ هَارُون خطبهم وَقَالَ لَهُم: إِنَّكُم خَرجْتُمْ من مصر وعندكم ودائع لقوم فِرْعَوْن وعوار وَلكم فيهم مثل ذَلِك وَأَنا أرى أَن تحتسبوا مَا كَانَ لكم عِنْدهم وَلَا أحل لكم وَدِيعَة استودعتموها أَو عَارِية ولسنا نرى أَدَاء شَيْء من ذَلِك إِلَيْهِم وَلَا مُمْسِكيه
فحفر حُفْرَة وَأمر كل قوم عِنْدهم شَيْء من ذَلِك من مَتَاع أَو حلية بِأَن يدفنوه فِي الحفرة ثمَّ أوقد عَلَيْهِ النَّار فأحرقه وَقَالَ: لَا يكون لنا وَلَا لَهُم
وَكَانَ السامري رجلا من قوم يعْبدُونَ الْبَقر لَيْسَ من بني إِسْرَائِيل جَار لَهُم فَاحْتمل مَعَ بني إسرئيل حِين احتملوا فَقضى لَهُ أَن رأى أثر الْفرس فَقبض مِنْهُ قَبْضَة فَمر بهَارُون فَقَالَ لَهُ هَارُون: يَا سامري
أَلا تلقي مَا فِي يَديك - وَهُوَ قَابض عَلَيْهِ لَا يرَاهُ أحد [] طوال ذَلِك - فَقَالَ: هَذِه بضة [قَبْضَة] من أثر الرَّسُول الَّذِي جَاوز بكم الْبَحْر فَلَا ألقيها لشَيْء إِلَّا أَن تَدْعُو الله إِذا ألقيتها أَن يكون مَا أُرِيد
قَالَ: فألقاها ودعا لَهُ هَارُون
قَالَ: أُرِيد أَن يكون عجلاً فَاجْتمع مَا كَانَ فِي الحفرة من مَتَاع: نُحَاس أَو حَدِيد أَو حلى فَصَارَ عجلاً أجوف لَيْسَ فِيهِ روح لَهُ خوار
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: