وَجل: فَإِن تَوْبَتهمْ أَن يقتل كل رجل مِنْهُم كل من لَقِي من وَالِد أَو ولد فيقتله بِالسَّيْفِ وَلَا يُبَالِي من قبل ذَلِك الموطن
فَتَابَ أُولَئِكَ الَّذين كَانَ خَفِي على مُوسَى وَهَارُون وَمَا طلع الله عابهم من ذنوبهم فَاعْتَرفُوا بهَا
وفعلوا مَا أمروا بِهِ فغفر الله للْقَاتِل والمقتول
ثمَّ سَار بهم مُوسَى مُتَوَجها نَحْو الأَرْض المقدسة فَأخذ الألواح بعد مَا سكت عَنهُ الْغَضَب وَأمرهمْ بِالَّذِي أمره الله أَن يبلغهم من الْوَظَائِف فَثقلَتْ عَلَيْهِم وأبوا أَن يقرُّوا بهَا حَتَّى نتق الله عَلَيْهِم الْجَبَل كَأَنَّهُ ظلة ودنا مِنْهُم حَتَّى خَافُوا أَن يَقع عَلَيْهِم فَأخذُوا الْكتاب بأيمانهم وهم مصغون ينظرُونَ الأَرْض وَالْكتاب الَّذِي أَخَذُوهُ بِأَيْدِيهِم وهم ينظرُونَ إِلَى الْجَبَل مَخَافَة أَن يَقع عَلَيْهِم
ثمَّ مضوا حَتَّى أَتَوا الأَرْض المقدسة فوجدوا فِيهَا مَدِينَة جبارين خلقهمْ خلق مُنكر وَذكروا من ثمارهم أمرا عجيباً من عظمها فَقَالُوا: يَا مُوسَى (إِن فِيهَا قوم جبارين) (الْمَائِدَة آيَة ٢٢) لَا طَاقَة لنا الْيَوْم بهم وَلَا ندْخلهَا مَا داموا فِيهَا (فَإِن يخرجُوا مِنْهَا فَإنَّا داخلون) قَالَ رجلَانِ من الجبارين: آمنا بمُوسَى فَخَرَجَا إِلَيْهِ فَقَالَا: نَحن أعلم بقومنا إِن كُنْتُم تخافون مَا رَأَيْتُمْ من أجسامهم وعددهم فَإِنَّهُم لَيْسَ لَهُم قُلُوب وَلَا مَنْعَة عِنْدهم (فادخلوا عَلَيْهِم الْبَاب فَإِذا دخلتموه فَإِنَّكُم غالبون) (الْمَائِدَة آيَة ٢٣) وَيَقُول أنَاس إنَّهُمَا من قوم مُوسَى وَزعم سعيد أَنَّهُمَا من الجبارين آمنا بمُوسَى
يَقُول: (من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا) (الْمَائِدَة آيَة ٣٣) وَإِنَّمَا يَعْنِي بذلك الَّذين يخافهم بَنو إِسْرَائِيل
فَقَالُوا: (يَا مُوسَى إِنَّا لن ندْخلهَا أبدا مَا داموا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة آيَة ٢٤) فأغضبوا مُوسَى فَدَعَا عَلَيْهِم فسماهم فاسقين وَلم يدع عَلَيْهِم قبل ذَلِك لما رأى فيهم من الْمعْصِيَة وإساءتهم - حَتَّى كَانَ يَوْمئِذٍ - فَدَعَا عَلَيْهِم فَاسْتَجَاب الله لَهُ وَسَمَّاهُمْ كَمَا سماهم مُوسَى فاسقين (فَحَرمهَا عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ يتيهون فِي الأَرْض) (الْمَائِدَة آيَة ٢٦) يُصْبِحُونَ كل يَوْم فيسيرون لَيْسَ لَهُم قَرَار
ثمَّ ظلل عَلَيْهِم فِي التيه بالغمام وَأنزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى وَجعل لَهُم ثيابًا لَا تبلى وَلَا تتسخ وَجعل بَين ظهرانيهم حجرا مربعًا وَأمر مُوسَى فَضَربهُ بعصاه (فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا) (الْبَقَرَة آيَة ٦٠) فِي كل نَاحيَة ثَلَاث عُيُون وَأعلم كل سبط عينهم الَّتِي يشربون مِنْهَا لَا


الصفحة التالية
Icon