وَأخرج البُخَارِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كَمَا أنزلنَا على المقتسمين الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين﴾ قَالَ: هم أهل الْكتاب جزأوه أَجزَاء فآمنوا بِبَعْضِه وَكَفرُوا بِبَعْضِه
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿عضين﴾ فرقا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلَ رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَرَأَيْت قَول الله ﴿كَمَا أنزلنَا على المقتسمين﴾ قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى
قَالَ: ﴿الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين﴾ قَالَ: آمنُوا بِبَعْض وَكَفرُوا بِبَعْض
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة اجْتمع إِلَيْهِ نفر من قُرَيْش - وَكَانَ ذَا سنّ فيهم - وَقد حضر الْمَوْسِم فَقَالَ لَهُم: يامعشر قُرَيْش إِنَّه قد حضر هَذَا الْمَوْسِم وَإِن وُفُود الْعَرَب ستقدم عَلَيْكُم فِيهِ وَقد سمعُوا بِأَمْر صَاحبكُم هَذَا فاجمعوا فِيهِ رَأيا وَاحِدًا وَلَا تختلفوا فيُكَذِّب بَعْضكُم بَعْضًا
فَقَالُوا أَنْت فَقل وَأتم لنا بِهِ رَأيا نقُول بِهِ
قَالَ: لَا بل أَنْتُم قُولُوا لأسْمع
قَالُوا نقُول كَاهِن
قَالَ: مَا هُوَ بكاهن
لقد رَأينَا الْكُهَّان فَمَا هُوَ بزمزمة الْكُهَّان وَلَا بسجعهم
قَالُوا فَنَقُول مَجْنُون
قَالَ: مَا هُوَ بمجنون
لقد رَأينَا الْجُنُون وعرفناه فَمَا هُوَ بخنقه وَلَا بحائحه وَلَا وسوسته
قَالُوا: فَنَقُول شَاعِر
قَالَ: مَا هُوَ بشاعر
لقد عرفنَا الشّعْر كُله رَجَزه وهَزَجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فَمَا هُوَ بالشعر
قَالُوا: فَنَقُول سَاحر
قَالَ: مَا هُوَ بساحر لقد رَأينَا السحار وسحرهم فَمَا هُوَ بنفثه وَلَا بعقده
قَالُوا فَمَاذَا نقُول قَالَ: وَالله إِن لقَوْله حلاوة وَإِن عَلَيْهِ لطلاوة وَإِن أَصله لعذق وَإِن فَرعه لجناء فَمَا أَنْتُم بقائلين من هَذَا شَيْئا إِلَّا عرف أَنه بَاطِل وَإِن أقرب القَوْل أَن تَقولُوا هُوَ سَاحر يفرق بَين الْمَرْء وَأَبِيهِ وَبَين الْمَرْء وأخيه وَبَين الْمَرْء وزوجه وَبَين الْمَرْء وعشيرته
فَتَفَرَّقُوا عَنهُ بذلك
فَأنْزل الله فِي الْوَلِيد وَذَلِكَ من قَوْله: (ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً
) إِلَى قَوْله (سأصليه سقر
) (المدثر آيَة ١١ - ١٦) وَأنزل الله فِي أُولَئِكَ النَّفر الَّذين كَانُوا مَعَه ﴿الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين﴾ أَي أصنافاً ﴿فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon