من قبل الكسل والسآمة فاغلبه بِذكر الْقَبْر وَالْقِيَامَة وَإِذا جَاءَك من قبل الرَّغْبَة والرهبة فاخبره أَن الدُّنْيَا مُفَارقَة متروكة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن وهب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني اتخذ تقوى الله تِجَارَة يأتك الرِّبْح من غير بضَاعَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الرِّضَا عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني لَا ينزلن بك أَمر رضيته أَو كرهته إِلَّا جعلت فِي الضَّمِير مِنْك أَن ذَلِك خير لَك
قَالَ: أهذه فَلَا أقدر أعطيكها دون أَن أعلم مَا قلت كَمَا قلت قَالَ: يَا بني فَإِن الله قد بعث نَبيا
هَلُمَّ حَتَّى تَأتيه فَصدقهُ
قَالَ: اذْهَبْ يَا أَبَت
فَخرج على حمَار وَابْنه على حمَار وتزودا ثمَّ سارا أَيَّامًا وليالي حَتَّى تلقتهما مفازة فأخذا أهبتهما لَهَا فدخلاها فسارا مَا شَاءَ الله حَتَّى ظهرا وَقد تَعَالَى النَّهَار وَاشْتَدَّ الْحر ونفد المَاء والزاد واستبطاآ حماريهما فَنزلَا فَجعلَا يَشْتَدَّانِ على سَوْقِهِما فَبَيْنَمَا هما كَذَلِك إِذْ نظر لُقْمَان أَمَامه فَإِذا هم بسواد ودخان فَقَالَ فِي نَفسه: السوَاد: الشّجر
وَالدُّخَان: الْعمرَان وَالنَّاس
فَبَيْنَمَا هما كَذَلِك يَشْتَدَّانِ إِذْ وطىء ابْن لُقْمَان على عظم فِي الطَّرِيق فَخر مغشياً عَلَيْهِ فَوَثَبَ إِلَيْهِ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فضمه إِلَى صَدره واستخرج الْعظم بِأَسْنَانِهِ ثمَّ نظر إِلَيْهِ فذرفت عَيناهُ فَقَالَ: يَا أَبَت أَنْت تبْكي وَأَنت تَقول: هَذَا خير لي كَيفَ يكون هَذَا خير لي وَقد نفذ الطَّعَام وَالْمَاء وَبقيت أَنا وَأَنت فِي هَذَا الْمَكَان فَإِن ذهبت وتركتني على حَالي ذهبت بهم وغم مَا بقيت وان أَقمت معي متْنا جَمِيعًا فَقَالَ: يَا بني
أما بُكَائِي فرقة الْوَالِدين وَأما مَا قلت كَيفَ يكون هَذَا خير لي فَلَعَلَّ مَا صرف عَنْك أعظم مِمَّا ابْتليت بِهِ وَلَعَلَّ مَا ابْتليت بِهِ أيسر مِمَّا صرف عَنْك ثمَّ نظر لُقْمَان أَمَامه فَلم يَرَ ذَلِك الدُّخان والسواد
وَإِذا بشخص أقبل على فرس أبلق عَلَيْهِ ثِيَاب بيض وعمامة بَيْضَاء يمسح الْهَوَاء مسحاً فَلم يزل يرمقه بِعَيْنِه حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَرِيبا قتوارى عَنهُ ثمَّ صَاح بِهِ: أَنْت لُقْمَان قَالَ: نعم
قَالَ: أَنْت الْحَكِيم قَالَ: كَذَلِك
فَقَالَ: مَا قَالَ لَك ابْنك قَالَ: يَا عبد الله من أَنْت اسْمَع كلامك وَلَا أرى وَجهك قَالَ: أَنا جِبْرِيل
أَمرنِي رَبِّي