أظهرهم فَاعْلَم قومه الَّذِي وعد الله من عَذَابه إيَّاهُم فَقَالُوا: ارمقوه فَإِن هُوَ خرج من بَين أظْهركُم فَهُوَ الله كَائِن مَا وَعدكُم
فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي وعدوا الْعَذَاب فِي صبيحتها أدْلج فَرَآهُ الْقَوْم فحذروا فَخَرجُوا من الْقرْيَة إِلَى برَاز من أَرضهم وَفرقُوا بَين كل دَابَّة وَوَلدهَا
ثمَّ عجوا إِلَى الله وأنابوا واستقالوا فأقالهم وانتظر يُونُس عَلَيْهِ الْخَبَر عَن الْقرْيَة وَأَهْلهَا
حَتَّى مر مار فَقَالَ: مَا فعل أهل الْقرْيَة قَالَ: فعلوا أَن نَبِيّهم لما خرج من بَين أظهرهم عرفُوا أَنه قد صدقهم مَا وعدهم من الْعَذَاب فَخَرجُوا من قريتهم إِلَى برَاز من الأَرْض ثمَّ فرقوا بَين كل ذَات ولد وَوَلدهَا ثمَّ عجوا إِلَى الله وتابوا إِلَيْهِ فَقبل مِنْهُم وَأخر عَنْهُم الْعَذَاب
فَقَالَ يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد ذَلِك: لَا أرجع إِلَيْهِم كذابا أبدا وَمضى على وَجهه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: لما خرج يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام مغاضباً أَتَى السَّفِينَة فركبها فامتنعت أَن تجْرِي فَقَالَ أَصْحَاب السَّفِينَة: مَا هَذَا إِلَّا لحَدث أحدثتموه فَقَالَ بَعضهم لبَعض: تَعَالَوْا حَتَّى نقترع فَمن وَقعت عَلَيْهِ الْقرعَة فالقوه فِي المَاء فاقترعوا فَوَقَعت الْقرعَة على يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ عَادوا فَوَقَعت الْقرعَة عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَة فَلَمَّا رأى يُونُس ذَلِك قَالَ: هُوَ أَنا فَخرج فَطرح نَفسه فَإِذا حوت قد رفع رَأسه من المَاء قدر ثَلَاثَة أَذْرع فَذهب لِيطْرَح نَفسه فَاسْتَقْبلهُ الْحُوت فَإِذا هوى إِلَيْهِ ليأخذه فتحول إِلَى الْجَانِب الآخر فَإِذا الْحُوت قد استقبله فَلَمَّا رأى يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك عرف أَنه أَمر من الله فَطرح نَفسه فَأَخذه الْحُوت قبل أَن يمر على المَاء فَأوحى الله إِلَى الْحُوت أَن لَا تهضم لَهُ عظما وَلَا تَأْكُل لَهُ لَحْمًا حَتَّى آمُر بأَمْري [] بِكَذَا وَكَذَا وَكَذَا
حَتَّى ألزقه بالطين فَسمع تَسْبِيح الأَرْض فَذَلِك حِين نَادَى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما ألْقى يُونُس عَلَيْهِ سَلام نَفسه فِي الْبَحْر التقمه الْحُوت هوى بِهِ حَتَّى انْتهى إِلَى مفجر من الأَرْض أَو كلمة تشبهها فَسمع تَسْبِيح الأَرْض (فَنَادَى فِي الظُّلُمَات أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة ٨٧) فَأَقْبَلت الدعْوَة تحوم الْعَرْش فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا إِنَّا نسْمع صَوتا ضَعِيفا من بِلَاد غربَة قَالَ: وتدرون مَاذَا كم قَالُوا: لَا يَا رَبنَا قَالَ: ذَاك عَبدِي يُونُس قَالُوا: الَّذِي كُنَّا لَا