وَقد وكل بِهِ الْحُوت فَلَمَّا وَقع ابتلعه فَأَهوى بِهِ إِلَى قَرَار الأَرْض فَسمع يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام تَسْبِيح الْحَصَى (فَنَادَى فِي الظُّلُمَات أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) (الْأَنْبِيَاء ٨٧) قَالَ: ظلمَة بطن الْحُوت وظلمة الْبَحْر وظلمة اللَّيْل قَالَ ﴿فنبذناه بالعراء وَهُوَ سقيم﴾ قَالَ كَهَيئَةِ الفرخ الممعوط الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ ريش وَأنْبت الله عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين فَكَانَ يستظل بهَا ويصيب مِنْهَا فيبست فَبكى عَلَيْهَا حِين يَبِسَتْ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَتَبْكِي على شَجَرَة أَن يَبِسَتْ وَلَا تبْكي على مائَة ألف أَو يزِيدُونَ أردْت أَن تهلكهم فَخرج فَإِذا هُوَ بِغُلَام يرْعَى غنما فَقَالَ: مِمَّن أَنْت يَا غُلَام قَالَ: من قوم يُونُس قَالَ: فَإِذا رجعت إِلَيْهِم فاقرئهم السَّلَام وَأخْبرهمْ إِنَّك لقِيت يُونُس فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: إِن تكن يُونُس فقد تعلم أَنه من كذب وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة قتل فَمن يشْهد لي قَالَ: تشهد لَك هَذِه الشَّجَرَة وَهَذِه الْبقْعَة
فَقَالَ الْغُلَام ليونس: مرهما فَقَالَ لَهما يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا جاءكما هَذَا الْغُلَام فاشهدا لَهُ
قَالَتَا: نعم
فَرجع الْغُلَام إِلَى قومه وَكَانَ لَهُ إخْوَة فَكَانَ فِي مَنْعَة فَأتى الْملك فَقَالَ: إِنِّي لقِيت يُونُس وَهُوَ يقْرَأ عَلَيْكُم السَّلَام فَأمر بِهِ الْملك أَن يقتل فَقَالَ: إِن لَهُ بَيِّنَة فَأرْسل مَعَه فَانْتَهوا إِلَى الشَّجَرَة والبقعة فَقَالَ لَهما الْغُلَام: نشدتكما بِاللَّه هَل أشهدكما يُونُس قَالَتَا: نعم
فَرجع الْقَوْم مذعورين يَقُولُونَ: تشهد لَك الشَّجَرَة وَالْأَرْض فَأتوا الْملك فحدثوه بِمَا رَأَوْا فَتَنَاول الْملك يَد الْغُلَام فأجلسه فِي مَجْلِسه وَقَالَ: أَنْت أَحَق بِهَذَا الْمَكَان مني وَأقَام لَهُم أَمرهم ذَلِك الْغُلَام أَرْبَعِينَ سنة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن يُونُس بن مَتى كَانَ عبدا صَالحا وَكَانَ فِي خلقه ضيق فَلَمَّا حملت عَلَيْهِ أثقال النبوّة
وَلها أثقال لَا يحملهَا إِلَّا قَلِيل
تفسخ تحتهَا تفسخ الرّبع تَحت الْحمل فقذفها من يَده وَخرج هَارِبا مِنْهَا
يَقُول الله لنَبيه (فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل وَلَا تكن كصاحب الْحُوت) (الْأَحْقَاف ٣٥)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿فساهم فَكَانَ من المدحضين﴾ قَالَ: من المسهومين قَالَ: اقترع فَكَانَ من المدحضين قَالَ: من المسهومين