الله لَك فِيهَا غذَاء وَلَا تبْكي على قَوْمك أَن يهْلكُوا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما بعث الله يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى قومه يَدعُوهُم إِلَى الله وعبادته وَأَن يتْركُوا مَا هم فِيهِ أَتَاهُم فَدَعَاهُمْ فَأَبَوا عَلَيْهِ فَرجع إِلَى ربه فَقَالَ: رب إِن قومِي قد أَبَوا عليَّ وكذبوني قَالَ: فَارْجِع إِلَيْهِم فَإِن هم آمنُوا وَصَدقُوا وَإِلَّا فاخبرهم أَن الْعَذَاب مصبحهم غدْوَة فَأَتَاهُم فَدَعَاهُمْ فَأَبَوا عَلَيْهِ قَالَ: فَإِن الْعَذَاب مصبحكم غدْوَة ثمَّ تولى عَنْهُم فَقَالَ الْقَوْم بَعضهم لبَعض وَالله مَا جربنَا عَلَيْهِ من كذب مُنْذُ كَانَ فِينَا فانظروا صَاحبكُم فَإِن بَات فِيكُم اللَّيْلَة وَلم يخرج من قريتكم وَلم يبت فِيهَا فاعلموا أَن الْعَذَاب مصبحكم حَتَّى إِذا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل أَخذ مخلاة فَجعل فِيهَا طعيماً لَهُ ثمَّ خرج فَلَمَّا رَأَوْهُ فرقوا بَين كل وَالِدَة وَوَلدهَا من بَهِيمَة أَو إِنْسَان ثمَّ عجوا إِلَى الله مُؤمنين ومصدقين بِيُونُس عَلَيْهِ السَّلَام وَبِمَا جَاءَ بِهِ فَلَمَّا رأى الله ذَلِك مِنْهُم بعد مَا كَانَ قد غشيهم الْعَذَاب كَمَا يغشى الْقَبْر بِالثَّوْبِ كشفه عَنْهُم وَمكث ينظر مَا أَصَابَهُم من الْعَذَاب فَلَمَّا أصبح رأى الْقَوْم يخرجُون لم يصبهم شَيْء من الْعَذَاب قَالَ: لَا وَالله لَا آتيهم وَقد جربوا عليَّ كذبة فَخرج فَذهب مغاضباً لرَبه فَوجدَ قوما يركبون فِي سفينة فَركب مَعَهم فَلَمَّا جنحت بهم السَّفِينَة تكفت ووقفت فَقَالَ الْقَوْم: إِن فِيكُم لرجلاً عَظِيم الذَّنب فاستهموا لَا تغرقوا جَمِيعًا فاستهم الْقَوْم فسهمهم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْقَوْم: لَا نلقي فِيهِ نَبِي الله اخْتلطت سهامكم فأعيدوها فاسهموا فسهمهم يُونُس فَلَمَّا رأى يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك قَالَ للْقَوْم: فالقوني لَا تغرقوا جَمِيعًا فألقوه فَوكل الله تَعَالَى بِهِ حوتاً فالتقمه لَا يكسر لَهُ عظما وَلَا يَأْكُل لَهُ لَحْمًا فهبط بِهِ الْحُوت إِلَى أَسْفَل الْبَحْر فَلَمَّا جنه الليلنادى فِي الظُّلُمَات ثَلَاث
ظلمَة بطن الْحُوت وظلمة اللَّيْل وظلمة الْبَحْر (أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) (الْأَنْبِيَاء ٨٧) فَأوحى الله إِلَى الْحُوت: أَن ألقيه فِي الْبر فارتفع الْحُوت فَأَلْقَاهُ فِي الْبر لَا شعر لَهُ وَلَا جلد وَلَا ظفر فَلَمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس أَذَاهُ حرهَا فَدَعَا الله فأنبتت ﴿عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين﴾ وَهِي الدُّبَّاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما ألقِي


الصفحة التالية
Icon