يتهجدون بِهِ من اللَّيْل ويقرأونه ثمَّ أَتَاهُم عِنْد الصُّبْح فَإِذا الْمُؤَذّن حِين طلع الْفجْر قد أذن ثمَّ أَقَامَ فَقَامُوا فصلوا فَلَمَّا انصرفوا وأضاء لَهُم النَّهَار إِذا هم بنواصي الْخَيل فِي دِيَارهمْ فَقَالُوا: مَا هَذَا قَالُوا: هُنَا خَالِد بن الْوَلِيد وَكَانَ رجلا مشنعاً فَقَالُوا يَا خَالِد: مَا شَأْنك قَالَ: أَنْتُم وَالله شأني أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل لَهُ إِنَّكُم كَفرْتُمْ بِاللَّه وتركتم الصَّلَاة فَجعلُوا يَبْكُونَ فَقَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه أَن نكفر بِاللَّه أبدا
قَالَ: فصرف الْخَيل وردهَا عَنْهُم حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما﴾ قَالَ الْحسن: فوَاللَّه لَئِن كَانَت نزلت فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم خَاصَّة إِنَّهَا الْمُرْسلَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَا نسخهَا شَيْء
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني المصطلق يُصدقهُمْ فَلم يبلغهم وَرجع فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم عصوا فَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يُجهز إِلَيْهِم إِذْ جَاءَ رجل من بني المصطلق فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سمعنَا أَنَّك أرْسلت إِلَيْنَا ففرحنا بِهِ واستبشرنا بِهِ وَإنَّهُ لم يبلغنَا رَسُولك وَكذب
فَأنْزل الله فِيهِ وَسَماهُ فَاسِقًا ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ﴾ قَالَ: هُوَ ابْن أبي معيط الْوَلِيد بن عقبَة بَعثه نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني المصطلق مُصدقا فَلَمَّا أبصروه أَقبلُوا نَحوه فهابهم فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ أَنهم قد ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن الْوَلِيد وَأمره بِأَن تثبت وَلَا تعجل فَانْطَلق حَتَّى أَتَاهُم لَيْلًا فَبعث عيونه فَلَمَّا جَاءَهُم أَخْبرُوهُ أَنهم متمسكون بالإِسلام وَسمع أذانهم وصلاتهم فَلَمَّا أَصْبحُوا أَتَاهُم خَالِد فَرَأى مَا يُعجبهُ فَرجع إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبرهُ الْخَبَر فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْقُرْآن فَكَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: التأني من الله والعجلة من الشَّيْطَان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ﴾ الْآيَة قَالَ: إِذا جَاءَك فحدثك أَن فلَانا إِن فُلَانَة يعْملُونَ كَذَا وَكَذَا من مساوىء الْأَعْمَال فَلَا تصدقه
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم﴾