وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ قد شرطُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة أَن من جَاءَ من قبلنَا وَإِن كَانَ على دينك رَددته إِلَيْنَا وَمن جَاءَنَا من قبلك لم نردده إِلَيْك فَكَانَ يرد إِلَيْهِم من جَاءَ من قبلهم يدْخل فِي دينه فَلَمَّا جَاءَت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط مهاجرة جَاءَ أَخَوَاهَا يُريدَان أَن يخرجاها ويرداها إِلَيْهِم فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات﴾ الْآيَة
إِلَى قَوْله: ﴿وليسألوا مَا أَنْفقُوا﴾ قَالَ: هُوَ الصَدَاق ﴿وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم﴾ الْآيَة قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة تسلم فَيرد الْمُسلمُونَ صَدَاقهَا إِلَى الْكفَّار وَمَا طلق الْمُسلمُونَ من نسَاء الْكفَّار عِنْدهم فَعَلَيْهِم أَن يردوا صداقهن إِلَى الْمُسلمين فَإِن أَمْسكُوا صَدَاقا من صدَاق الْمُسلمين مِمَّا فارقوا من نسَاء الْكفَّار أمسك الْمُسلمُونَ صدَاق المسلمات اللَّاتِي جئن من قبلهم
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَكتب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ صَالح قُريْشًا يَوْم الْحُدَيْبِيَة على أَن يرد على قُرَيْش من جَاءَ فَلَمَّا هَاجر النِّسَاء أَبى الله أَن يرددن إِلَى الْمُشْركين إِذا هنَّ امتحنَّ بمحنة الإِسلام فعرفوا أَنَّهُنَّ إِنَّمَا جئن رَغْبَة فِيهِنَّ وَأمر برد صداقهن إِلَيْهِم إِذا حبسن عَنْهُم وَأَنَّهُمْ يردوا على الْمُسلمين صدقَات من حبسوا عَنْهُم من نِسَائِهِم ثمَّ قَالَ: ﴿ذَلِكُم حكم الله يحكم بَيْنكُم﴾ فَأمْسك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّسَاء ورد الرِّجَال وَلَوْلَا الَّذِي حكم الله بِهِ من هَذَا الحكم رد النِّسَاء كَمَا رد الرِّجَال وَلَوْلَا الْهُدْنَة والعهد أمسك النِّسَاء وَلم يرد لهنَّ صَدَاقا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن﴾ قَالَ: سلوهن مَا جَاءَ بِهن فَإِن كَانَ جَاءَ بِهن غضب على أَزوَاجهنَّ أَو غيرَة أَو سخط وَلم يُؤمن فأرجعوهن إِلَى أَزوَاجهنَّ وَإِن كن مؤمنات بِاللَّه فأمسكوهن وآتوهن أُجُورهنَّ من صدقتهن وانكحوهن إِن شِئْتُم وأصدقوهن وَفِي قَوْله: ﴿وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر﴾ قَالَ: أَمر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطَلَاق نسائهن كوافر بِمَكَّة قعدن مَعَ الْكفَّار ﴿واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا﴾ قَالَ: مَا ذهب من أَزوَاج أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْكفَّار فليعطهم الكفارصدقاتهم وليمسكوهن وَمَا ذهب من أَزوَاج الْكفَّار إِلَى أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمثل ذَلِك هَذَا فِي صلح كَانَ بَين قُرَيْش وَبَين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار﴾


الصفحة التالية
Icon