فِي بَيتهَا فَجعلت تنْتَظر خُرُوجهَا وَغَارَتْ غيرَة شَدِيدَة فَأخْرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَارِيَته وَدخلت حَفْصَة فَقَالَت: قد رَأَيْت من كَانَ عنْدك وَالله لقد سؤتني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله لأرضينك وَإِنِّي مسر إِلَيْك سرا فاحفظيه قَالَت: مَا هُوَ قَالَ: إِنِّي أشهدك أَن سريتي هَذِه عليّ حرَام رضَا فَانْطَلَقت حَفْصَة إِلَى عَائِشَة فأسرت إِلَيْهَا أَن أَبْشِرِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد حرم عَلَيْهِ فتَاته فَلَمَّا أخْبرت بسر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظهر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ذكر عِنْد عمر بن الْخطاب ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك﴾ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي حَفْصَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزل أم إِبْرَاهِيم منزل أبي أَيُّوب قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيتهَا يَوْمًا فَوجدَ خلْوَة فأصابها فَحملت بإبراهيم قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا استبان فزعت من ذَلِك فَمَكثَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ولدت فَلم يكن لأمه لبن فَاشْترى لَهُ ضائنة يغذي مِنْهَا الصَّبِي فصلح عَلَيْهِ جِسْمه وَحسن لَحْمه وَصفا لَونه فجَاء بِهِ يَوْمًا يحملهُ على عُنُقه فَقَالَ يَا عَائِشَة كَيفَ تري الشّبَه فَقلت: أَنا غَيْرِي مَا أَدْرِي شبها فَقَالَ: وَلَا بِاللَّحْمِ فَقلت: لعمري لمن تغذى بألبان الضَّأْن ليحسن لَحْمه قَالَ: فَجَزِعت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَحَفْصَة من ذَلِك فعاتبته حَفْصَة فَحَرمهَا وَأسر إِلَيْهَا سرا فأفشته إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَنزلت آيَة التَّحْرِيم فَأعتق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَقَبَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدت حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم وَلَده مَارِيَة أم إِبْرَاهِيم فَحرم أم وَلَده لحفصة رَضِي الله عَنْهَا وأمرها أَن تكْتم ذَلِك فأسرته إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ فَأمره الله بكفارة يَمِينه
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ الْآيَة قَالَ: كَانَ حرم فتَاته الْقبْطِيَّة أم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي يَوْم حَفْصَة وَأسر ذَلِك إِلَيْهَا فأطلعت عَلَيْهِ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وكانتا تظاهرتا على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأحل الله لَهُ مَا حرم على نَفسه وَأمره أَن يكفر عَن يَمِينه فَقَالَ: ﴿قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم﴾