بعده أحدا فَتَركه فَأتى الرجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقص عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أصَاب أحدا مِنْكُم وَحْشَة أَو نزل بِأَرْض مجنة فَلْيقل: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا يلج فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَمن فتن اللَّيْل وَمن طوارق النَّهَار إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً﴾ قَالَ أَبُو نصر: غَرِيب جدا لم نَكْتُبهُ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه
وَأخرج الخرائطي فِي كتاب الهواتف عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من بني تَمِيم يُقَال لَهُ: رَافع بن عُمَيْر حدث عَن بَدْء إِسْلَامه قَالَ: إِنِّي لأسير برمل عالج ذَات لَيْلَة إِذا غلبني النّوم فَنزلت عَن رَاحِلَتي وأنختها ونمت وَقد تعوذت قبل نومي فَقلت: أعوذ بعظيم هَذَا الْوَادي من الْجِنّ فَرَأَيْت رجلا فِي مَنَامِي بِيَدِهِ حَرْبَة يُرِيد أَن يَضَعهَا فِي نحر نَاقَتي فانتبهت فَزعًا فَنَظَرت يَمِينا وَشمَالًا فَلم أر شَيْئا فَقلت: هَذَا حلم
ثمَّ عدت فغفوت فَرَأَيْت مثل ذَلِك فانتبهت فَدرت حول نَاقَتي فَلم أر شَيْئا فَإِذا نَاقَتي ترْعد
ثمَّ غفوت فَرَأَيْت مثل ذَلِك فنتبهت فَرَأَيْت نَاقَتي تضطرب والتفتّ فَإِذا أَنا بِرَجُل شَاب كَالَّذي رَأَيْته فِي الْمَنَام بِيَدِهِ حَرْبَة وَرجل شيخ مُمْسك بِيَدِهِ يردهُ عَنْهَا فَبَيْنَمَا هما يتنازعان إِذْ طلعت ثَلَاثَة أثوار من الْوَحْش فَقَالَ الشَّيْخ للفتى: قُم فَخذ أَيهَا شِئْت فدَاء لناقة جاري الإِنسي
فَقَامَ الْفَتى فَأخذ مِنْهَا ثوراً عَظِيما وَانْصَرف ثمَّ الْتفت إِلَى الشَّيْخ وَقَالَ: يَا هَذَا إِذا نزلت وَاديا من الأودية فَخفت هوله فَقل: أعوذ بِاللَّه رب مُحَمَّد من هول هَذَا الْوَادي ولاتعذ بِأحد من الْجِنّ فقد بَطل أمرهَا
فَقلت لَهُ: وَمن مُحَمَّد هَذَا قَالَ: نَبِي عَرَبِيّ لاشرقي وَلَا غربي بعث يَوْم الأثنين
قلت: فَأَيْنَ مَسْكَنه قَالَ: يثرب ذَات النّخل
فركبت رَاحِلَتي حِين برق الصُّبْح وجددت السّير حَتَّى أتيت الْمَدِينَة فرآني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَدثني بحديثي قبل أَن أذكر لَهُ مِنْهُ شَيْئا وَدَعَانِي إِلَى الإِسلام فَأسْلمت
قَالَ سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ: وَكُنَّا نرى أَنه هُوَ الَّذِي أنزل الله فِيهِ ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ﴾ قَالَ: كَانَ رجال من الإِنس يبيت أحدهم فِي الْجَاهِلِيَّة بالوادي فَيَقُول: أعوذ بعزيز هَذَا الْوَادي ﴿فزادوهم رهقاً﴾ قَالَ: إِثْمًا