ينفع وَلَا يقر وَلَا يُنكر فَذَهَبُوا وَأَنا أرجوا أَن يسلمُوا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءَ الرَّاعِي يشْتَد يَقُول: الْبُشْرَى الْبُشْرَى قد جِيءَ بالذئب وَهُوَ مقموط بَين يَدي الصَّنَم بِغَيْر قماط فَذَهَبُوا وَذَهَبت مَعَهم فَقَتَلُوهُ وسجدوا لَهُ وَقَالُوا: هَكَذَا فَاصْنَعْ فَدخلت على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَدَّثته هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لعب بهم الشَّيْطَان
أخرج عبد بن حميد فِي قَوْله: ﴿وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرساً شَدِيدا وشهباً﴾ قَالَ: كَانَت الْجِنّ تسمع سمع السَّمَاء فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا حرست السَّمَاء منعُوا ذَلِك فتفقدت الْجِنّ ذَلِك من أَنْفسهَا
قَالَ: وَذكر لنا أَن أَشْرَاف الْجِنّ كَانُوا بنصيبين من أَرض المموصل فطلبوا وصوبوا النّظر حَتَّى سقطوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ عَامِدًا إِلَى عطاظ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الشَّيَاطِين لَهُم مقاعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون فِيهَا الْوَحْي فَإِذا سمعُوا الْكَلِمَة زادوا فِيهَا تسعا فَأَما الْكَلِمَة فَتكون حَقًا وَأما مَا زادوا فَيكون بَاطِلا فَلَمَّا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منعُوا مَقَاعِدهمْ فَذكرُوا ذَلِك لإِبليس وَلم تكن النُّجُوم يَرْمِي بهَا قبل ذَلِك فَقَالَ لَهُم إِبْلِيس: مَا هَذَا الْأَمر إِلَّا لأمر حدث فِي الأَرْض فَبعث جُنُوده فوجدوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما يُصَلِّي بَين جبلي نَخْلَة فَأتوهُ فأخبروه فَقَالَ: هَذَا الْحَدث الَّذِي حدث فِي الأَرْض
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ للجن مقاعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون الْوَحْي فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدحرت الشَّيَاطِين من السَّمَاء ورموا بالكواكب فَجعل لَا يصعد أحد مِنْهُم إِلَّا احْتَرَقَ وفزع أهل الأَرْض لما رَأَوْا من الْكَوَاكِب وَلم يكن قبل ذَلِك وَقَالَ إِبْلِيس: حدث فِي الأَرْض حدث فَأتى من كل أَرض بتربة فشمها فَقَالَ لتربة تهَامَة: هُنَا حدث الْحَدث فصرف إِلَيْهِ نَفرا من الْجِنّ فهم الَّذين اسْتَمعُوا الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم تكن سَمَاء الدُّنْيَا تحرس فِي الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانُوا يَقْعُدُونَ مِنْهَا مقاعد للسمع فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرست السَّمَاء شَدِيدا ورجمت الشَّيَاطِين فانكروا ذَلِك فَقَالُوا: ﴿لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا﴾