فأعطيك وتستغفرني فَأغْفِر لَك وتدعوني فأستجيب لَك فَلم تخفني سَاعَة قطّ من ليل ونهار وَلم ترج مَا عِنْدِي قطّ وَلم تخش عقابي سَاعَة قطّ وَلَيْسَ وَرَاءه أحد إِلَّا وَهُوَ شَرّ مِنْهُ فَيُقَال لَهُ: ﴿مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين﴾ إِلَى قَوْله: ﴿حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين﴾ يَقُول الله: ﴿فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب الْفَقِير قَالَ: كُنَّا بِمَكَّة وَمَعِي طلق بن حبيب وَكُنَّا نرى رَأْي الْخَوَارِج فَبَلغنَا أَن جَابر بن عبد الله يَقُول فِي الشَّفَاعَة فأتيناه فَقُلْنَا لَهُ: بلغنَا عَنْك فِي الشَّفَاعَة قَول الله مُخَالف لَك فِيهَا فِي كِتَابه فَنظر فِي وُجُوهنَا فَقَالَ: من أهل الْعرَاق أَنْتُم قالنا: نعم
فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَأَيْنَ تَجِدُونَ فِي كتاب الله قلت: حَيْثُ يَقُول: (رَبنَا إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته) (سُورَة آل عمرَان الْآيَة ١٩٢) و (يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا) (سُورَة الْمَائِدَة الْآيَة ٣٧) و (كلما أروادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا) (سُورَة السَّجْدَة الْآيَة ٢٠) وَأَشْبَاه هَذَا من الْقُرْآن فَقَالَ: أَنْتُم أعلم بِكِتَاب الله أم أَنا قُلْنَا: بل أَنْت أعلم بِهِ منا
قَالَ: فوَاللَّه لقد شهِدت تَنْزِيل هَذَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشفاعة الشافعين وَلَقَد سَمِعت تَأْوِيله من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن الشَّفَاعَة لنَبيه فِي كتاب الله قَالَ فِي السُّورَة الَّتِي تذكر فِيهَا المدثر: ﴿مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين﴾ الْآيَة أَلا ترَوْنَ أَنَّهَا حلت لمن مَاتَ لم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله خلق خلقا وَلم ستعن على ذَلِك وَلم يشاور فِيهِ أحدا فَأدْخل من شَاءَ الْجنَّة برحمته وَأدْخل من شَاءَ النَّار ثمَّ إِن الله تَحَنن على الْمُوَحِّدين فَبعث الْملك من قبله بِمَاء وَنور فَدخل النَّار فنضح فَلَمَّا يصب إِلَّا من شَاءَ وَلم يصب إِلَّا من خرج من الدُّنْيَا لم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا فَأخْرجهُمْ حَتَّى جعلهم بِفنَاء الْجنَّة ثمَّ رَجَعَ إِلَى ربه فأمده بِمَاء وَنور ثمَّ دخل فنضح فَلم يصب إِلَّا من شَاءَ الله ثمَّ لم يصب إِلَّا من خرج من الدُّنْيَا لم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا فَأخْرجهُمْ حَتَّى جعلهم بِفنَاء الْجنَّة ثمَّ أذن الله للشفعاء فشفعوا لَهُم فأدخلهم الله الْجنَّة برحته وشفاعة الشافعين
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يعذب الله قوما من أهل الإِيمان ثمَّ يخرجهم بشفاعة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لَا يبْقى إِلَّا من ذكر الله ﴿مَا سلككم فِي سقر﴾ إِلَى قَوْله: ﴿شَفَاعَة الشافعين﴾