الْعَالم كلهم قد خالفوك قَالَ: فخدّ أُخْدُودًا ثمَّ ألْقى فِيهَا الْحَطب وَالنَّار ثمَّ جمع النَّاس فَقَالَ: من رَجَعَ عَن دينه تَرَكْنَاهُ وَمن لم يرجع ألقيناه فِي هَذِه النَّار
فَجعل يُلقيهِمْ فِي تِلْكَ الْأُخْدُود فَقَالَ: يَقُول الله: ﴿قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوقُود﴾ حَتَّى بلغ ﴿الْعَزِيز الحميد﴾ فَأَما الْغُلَام فَإِنَّهُ دفن ثمَّ أخرج فيذكر أَنه أخرج فِي زمن عمر بن الْخطاب واصبعه على صُدْغه كَمَا وَضعهَا حِين قتل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ ملك مِمَّن كَانَ قبلكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحر فَلَمَّا كبر السَّاحر قَالَ للْملك: إِنِّي قد كَبرت سني وَحضر أَجلي فادفع إليّ غُلَاما أعلمهُ السحر
فَدفع إِلَيْهِ غُلَاما فَكَانَ يُعلمهُ السحر
وَكَانَ بَين السَّاحر وَبَين الْملك رَاهِب فَأتى الْغُلَام على الراهب فَسمع من كَلَامه فأعجبه نَحوه وَكَلَامه فَكَانَ إِذا أَتَى على السَّاحر ضربه وَقَالَ: ماحبسك فَإِذا أَتَى أَهله جلس عِنْد الراهب فيبطئ فَإِذا أَتَى أَهله ضربوه وَقَالُوا: ماحبسك فَشَكا ذَلِك إِلَى الراهب فَقَالَ: إِذا أَرَادَ السَّاحر أَن يَضْرِبك فَقل: حَبَسَنِي أَهلِي وَإِذا أَرَادَ أهلك أَن يضربوك فَقل: حَبَسَنِي السَّاحر
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ أَتَى ذَات يَوْم على دَابَّة فظيعة عَظِيمَة قد حبست النَّاس فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يجوزوا فَقَالَ الْغُلَام: الْيَوْم أعلم أَمر الراهب أحب إِلَى الله أم أَمر السَّاحر
فَأخذ حجرا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَمر الراهب أحب إِلَيْك وأرضى لَك من أَمر السَّاحر فَاقْتُلْ هَذِه الدَّابَّة حَتَّى يجوز النَّاس
فَرَمَاهَا فَقَتلهَا وَمضى النَّاس فَأخْبر الراهب بذلك فَقَالَ: أَي بني أَنْت أفضل مني وَإنَّك ستبتلى فَإِن ابْتليت فَلَا تدل عَليّ
وَكَانَ الْغُلَام يُبرئ الأكمه والأبرص وَسَائِر الأدواء ويشفيهم وَكَانَ جليس الْملك قد عمي فَسمع بِهِ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَة فَقَالَ لَهُ: اشفني وَلَك مَا هَهُنَا أجمع فَقَالَ: مَا أشفي أَنا أحدا إِنَّمَا يشفي الله فَإِن آمَنت بِاللَّه دَعَوْت الله فشفاك فَآمن فَدَعَا لَهُ فشفاه
ثمَّ أَتَى الْملك فَجَلَسَ مِنْهُ نَحْو مَا كَانَ يجلس فَقَالَ لَهُ الْملك: يَا فلَان من رد عَلَيْك بَصرك قَالَ: رَبِّي قَالَ: أَنا
قَالَ: لَا
قَالَ: أولك رب غَيْرِي قَالَ: نعم
فَلم يزل بِهِ يعذبه حَتَّى دلّ على الْغُلَام فَبعث إِلَيْهِ الْملك فَقَالَ: أَي بني قد بلغ من سحرك أَن تبرئ الأكمه والأبرص وَهَذِه الأدواء قَالَ: مَا أشفي أَنا أحدا مَا يشفي غير الله
قَالَ: أَنا قَالَ: لَا
قَالَ: وَإِن لَك رَبًّا غَيْرِي قَالَ: نعم رَبِّي وَرَبك