أَبُو بكر: إِنِّي سَأَلتك قبل أَن تَسْأَلنِي
فَقَالَ عمر: أخرجني الْجُوع
فَقَالَ أَبُو بكر: وَأَنا أخرجني الَّذِي أخرجك
فلبثا يتحدثان وطلع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعمد نَحْوهمَا حَتَّى وقف عَلَيْهِمَا فَسلم فَردا السَّلَام فَقَالَ: مَا أخرجكما هَذِه السَّاعَة فَنظر كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه لَيْسَ مِنْهُمَا وَاحِد إِلَّا وَهُوَ يُرِيد أَن يُخبرهُ صَاحبه فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله خرج قبلي وَخرجت بعده فَسَأَلته مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة فَقَالَ: بل أَنْت مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة فَقلت: إِنِّي
سَأَلتك قبل أَن تَسْأَلنِي فَقَالَ: بل أخرجني الْجُوع
فَقلت لَهُ: أخرجني الَّذِي أخرجك
فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأَنا فَأَخْرجنِي الَّذِي أخرجكما
فَقَالَ لَهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمان من أحد نضيفه قَالَا: نعم أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان لَهُ أعذق وجدي إِن جئناه نجد عِنْده فضل تمر
فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحباه حَتَّى دخلُوا الْحَائِط فَسلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسمِعت أم الْهَيْثَم تَسْلِيمه ففدت بِالْأَبِ وَالأُم وأخرجت حلساً لَهَا من شعر فجلسوا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَيْنَ أَبُو الْهَيْثَم فَقَالَت: ذَاك ذهب ليستعذب لنا من المَاء
وطلع أَبُو الْهَيْثَم بالقربة على رقبته فَلَمَّا أَن رأى وضح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين ظهراني النّخل أسندها إِلَى جذع وَأَقْبل يفْدي بِالْأَبِ وَالأُم فَلَمَّا رَآهُمْ عرف الَّذِي بهم فَقَالَ لأم الْهَيْثَم: هَل أطعمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه شَيْئا فَقَالَت: إِنَّمَا جلس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّاعَة
قَالَ: فَمَا عنْدك قَالَت: عِنْدِي حبات من شعير
قَالَ: كركريها واعجني واخبزي إِذْ لم يَكُونُوا يعْرفُونَ الخمير
قَالَ: وَأخذ الشَّفْرَة فَرَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موليا فَقَالَ: إياك وَذَات الدّرّ
فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا أُرِيد عنيقاً فِي الْغنم فذبح وَنصب فَلم يلبث إِذا جَاءَ بذلك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأكل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحباه فشبعوا لَا عهد لَهُم بِمِثْلِهَا
فَمَا مكث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا يَسِيرا حَتَّى أُتِي بأسير من الْيمن فَجَاءَتْهُ فَاطِمَة ابْنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَشْكُو إِلَيْهِ الْعَمَل وتريه يَديهَا وتسأله إِيَّاه
قَالَ: لَا وَلَكِن أعْطِيه أَبَا الْهَيْثَم فقد رَأَيْته وَمَا لَقِي هُوَ وَامْرَأَته يَوْم ضفناهم فَأرْسل إِلَيْهِ وَأَعْطَاهُ إيها فَقَالَ: خُذ هَذَا الْغُلَام يعينك على حائطك واستوص بِهِ خيرا: فَمَكثَ عِنْد أبي الْهَيْثَم مَا شَاءَ الله أَن يمْكث فَقَالَ: لقد كنت مُسْتقِلّا أَنا وصاحبتي بحائطنا اذْهَبْ فَلَا رب لَك إِلَّا الله فَخرج ذَلِك الْغُلَام إِلَى الشَّام ورزق فِيهَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَن أَبَا بكر خرج لم يُخرجهُ إِلَّا الْجُوع وَخرج عمر لم يُخرجهُ إِلَّا الْجُوع وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج عَلَيْهِمَا وأنهما أخبراه أَنه


الصفحة التالية
Icon