وَقَالَ عبد الْمطلب شعرًا فِي الْمَعْنى: أَنْت منعت الْجَيْش والأفيالا وَقد رعو بِمَكَّة الأفيالا وَقد خشينا مِنْهُم القتالا وكل أَمر مِنْهُم معضالا شكرا وحمداً لَك ذَا الجلالا فَانْصَرف شهر هَارِبا وَحده فَأول منزل نزله سَقَطت يَده الْيُمْنَى ثمَّ نزل منزلا آخر فَسَقَطت رجله الْيُمْنَى فَأتى منزله وَقَومه وَهُوَ جَسَد لَا أَعْضَاء لَهُ فَأخْبرهُم الْخَبَر ثمَّ فاضت نَفسه وهم ينظرُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى نزلُوا الصفاح فَأَتَاهُم عبد الْمطلب فَقَالَ: إِن هَذَا بَيت الله لم يُسَلط عَلَيْهِ أحد
قَالُوا: لَا نرْجِع حَتَّى نهدمه وَكَانُوا لَا يقدمُونَ فيلهم إِلَّا تَأَخّر فَدَعَا الله الطير الأبابيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سُودًا عَلَيْهِم الطين فَلَمَّا حاذتهم رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِي مِنْهُ أحد إِلَّا أَخَذته الحكة فَكَانَ لَا يحك إِنْسَان مِنْهُم جلده إِلَّا تساقط لَحْمه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أقبل أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى إِذا دنوا من مَكَّة اسْتَقْبَلَهُمْ عبد الْمطلب فَقَالَ لملكهم: مَا جَاءَ بك إِلَيْنَا أَلا بعثت فنأتيك بِكُل شَيْء أردْت فَقَالَ: أخْبرت بِهَذَا الْبَيْت الَّذِي لَا يدْخلهُ أحد إِلَّا أَمن فَجئْت أخيف أَهله فَقَالَ: إِنَّا نَأْتِيك بِكُل شَيْء تُرِيدُ فَارْجِع فَأبى أَن يرجع إِلَّا أَن يدْخلهُ وَانْطَلق يسير نَحوه وتخلف عبد الْمطلب فَقَامَ على جبل فَقَالَ: لَا أشهد مهلك هَذَا الْبَيْت وَأَهله
ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن لكل إِلَه حَلَالا فامنع حلالك لَا يغلبن محالهم أبدا محالك اللَّهُمَّ فَإِن فعلت فَأمر مَا بدا لَك فَأَقْبَلت مثل السحابة من نَحْو الْبَحْر حَتَّى أظلتهم طيراً أبابيل الَّتِي قَالَ الله ترميهم بحجارة من سجيل فَجعل الْفِيل يعج عجاً فجعلهم كعصف مَأْكُول
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل﴾ قَالَ: أقبل أَبْرَهَة الأشرم بِالْحَبَشَةِ وَمن تبعه من غواة أهل الْيمن إِلَى بَيت الله ليهدموه من أجل بيعَة لَهُم أَصَابَهَا الْعَرَب بِأَرْض الْيمن فَأَقْبَلُوا بفيلهم حَتَّى إِذا كَانُوا بالصفاح فَكَانُوا إِذا وجهوه إِلَى بَيت الله ألْقى بجرانه إِلَى الأَرْض فَإِذا وجهوه قبل بِلَادهمْ انْطلق وَله هرولة حَتَّى إِذا كَانُوا ببجلة اليمانية بعث الله عَلَيْهِم طيراً أبابيل