بِأَيْدِيهِم
وَقَالَ عِكْرِمَة: إِن نَاسا من الْمُسلمين لما دخلُوا على بني النَّضِير أخذُوا يقطعون النّخل فَقَالَ بَعضهم لبَعض: وَإِذا تولى سعى فِي الأَرْض ليفسد فِيهَا
وَقَالَ قَائِل من الْمُسلمين: لَا يقطعون وَاديا ولاينالون من عدوّ نيلاً إِلَّا كتب لَهُم بِهِ عمل صَالح فَأنْزل الله ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ وَهِي النَّخْلَة ﴿أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله﴾ قَالَ: مَا قطعْتُمْ فبإذني وَمَا تركْتُم فبإذني
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يخربون مَا يليهم من ظَاهرهَا ليدخلوا عَلَيْهِم ويخربها الْيَهُود من داخلها
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَول الله عزوجل: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقاتلهم فَإِذا ظهر على درب أَو دَار هدم حيطانها ليتسع الْمَكَان لِلْقِتَالِ وَكَانَت الْيَهُود إِذا غلبوا على درب أَو دَار نقبوها من أدبارها ثمَّ حصنوها ودربوها فَيَقُول الله عز وَجل: ﴿فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار﴾ وَقَوله: ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ يَعْنِي باللينة النّخل وَهِي أعجب إِلَى الْيَهُود من الْوَصْف يُقَال لثمرها اللَّوْن فَقَالَت الْيَهُود عِنْد قطع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَخْلهمْ وعقر شجرهم: يَا مُحَمَّد زعمت أَنَّك تُرِيدُ الإِصلاح أَفَمَن الإِصلاح عقر الشّجر وَقطع النّخل وَالْفساد فشق ذَلِك على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوجد الْمُسلمُونَ من قَوْلهم فِي أنفسهم من قطعهم النّخل خشيَة أَن يكون فَسَادًا فَقَالَ بَعضهم لبَعض: لَا تقطعوا فَإِنَّهُ مِمَّا أَفَاء الله علينا فَقَالَ الَّذين يقطعونها: نغيظهم بقطعها فَأنْزل الله ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ يَعْنِي النّخل فبإذن الله وَمَا تركْتُم قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله فطابت نفس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنفس الْمُؤمنِينَ
﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ يَعْنِي يهود أهل النَّضِير
وَكَانَ قطع النّخل وعقر الشّجر خزياً لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم﴾ قَالَ: مَا صَالحُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا لَا يعجبهم خَشَبَة إِلَّا أخذوها فَكَانَ ذَلِك تخريبها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿يخربون بُيُوتهم﴾ من دَاخل الدَّار لَا يقدرُونَ على قَلِيل وَلَا كثير يَنْفَعهُمْ إِلَّا خربوه وأفسدوا لِئَلَّا يدعوا شَيْئا يَنْفَعهُمْ إِذا رحلوا وَفِي قَوْله: ﴿وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ وَيخرب الْمُؤْمِنُونَ دِيَارهمْ من خَارِجهَا كَيْمَا يخلصوا إِلَيْهِم وَفِي قَوْله: ﴿وَلَوْلَا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء لعذبهم فِي الدُّنْيَا﴾