وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى مَا قُلْنَا إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ﴾ [النساء: ١٥] قَالَ: «فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا زَنَتْ حُبِسَتْ مَاتَتْ أَوْ عَاشَتْ حَتَّى نَزَلَتْ فِي سُورَةِ النُّورِ ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ وَنَزَلَتْ سُورَةُ الْحُدُودِ فَكَانَ مَنْ عَمِلَ سُوءًا جُلِدَ وَأُرْسِلَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ بِنَفْيِ الزَّانِي فَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي الَّذِي اخْتَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ فَفِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ﴾ [النساء: ١٦] لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهَذَا إِنَّمَا يَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ عَلَى مَجَازٍ وَلَا يُحْمَلُ الشَّيْءُ عَلَى مَجَازٍ وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالَّذِي عَارَضَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ الْعَرَبَ لَا تُوعَدُ اثْنَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذَا إِنْ صَحَّ فَهُمَا شَخْصَانِ مُخْتَلِفَانُ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ وَاللَّذَانِ لِلرَّجُلَيْنِ الثَّيِّبَيْنِ وَالْبِكْرَيْنِ فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَمُعَارَضَتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هَكَذَا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَالَّذِينَ لَا يَلْزَمُ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَحْمِلُ عَلَى اللَّفْظِ وَعَلَى الْمَعْنَىِ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [الحجرات: ٩] وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ -[٣١٠]- وَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ


الصفحة التالية
Icon