كَمَا قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ الْمُقْرِئِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُقِيمِ أَرْبَعًا وَلِلْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي الْآيَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ مَقْصُورَةً مِنْ أَرْبَعٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَصَلَاةُ السَّفَرِ فِي الْأَمْنِ رَكْعَتَانِ مَقْصُورَةً فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بِالْقُرْآنِ وَلَا بِنَسْخٍ لِلْقُرْآنِ
وَيَدُلُّكَ عَلَى صِحَّةِ هَذَا مَا قُرِئَ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا﴾ [النساء: ١٠١] مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، فَقَدْ زَالَ الْخَوْفُ فَمَا بَالُ -[٣٥٥]- الْقَصْرِ؟ فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هِيَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهَا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَلَمْ يَقُلْ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ نُسِخَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا نَسَبُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الرُّخْصَةِ فَصَحَّ قَوْلُ مَنْ قَالَ قَصْرُ صَلَاةِ السَّفَرِ بِالسُّنَّةِ وَقَصْرُ صَلَاةِ الْخَوْفِ بِالْقُرْآنِ، وَلَا يُقَالُ مَنْسُوخٌ لِمَا ثَبَتَ فِي التَّنْزِيلِ وَصَحَّ فِيهِ التَّأْوِيلُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ أَوْ بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ


الصفحة التالية
Icon