قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَتِ: ائْتِ عَلِيًّا فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَسْحِ فَقَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثًا»
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، أَنَّ، جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ: " تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقِيلَ لَهُ أَتَمْسَحُ؟ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ " فَكَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ يُعْجِبُهُمْ قَوْلُ جَرِيرٍ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَسِيرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَا أَسْتَحْسِنُ حَدِيثَ جَرِيرٍ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ -[٣٨٠]- وَقَدْ عَارَضَ قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ يَمْنَعُونَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِأَنَّ الْوَاقِدِيَّ رَوَى عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ جَرِيرًا الْبَجَلِيَّ أَسْلَمَ فِي سَنَةِ عَشْرٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَنَّ الْمَائِدَةَ نَزَلَتْ فِي ذِي الْحِجَّةِ يَوْمَ عَرَفَاتٍ قَالُوا: فَإِسْلَامُ جَرِيرٍ عَلَى هَذَا قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالَّذِي احْتَجَّ بِهَذَا جَاهِلٌ بِمَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِوَهَائِهِ وَضَعْفِ إِسْنَادِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ يَوْمَ عَرَفَاتٍ فِي ذِي الْحِجَّةِ جَهْلٌ أَيْضًا لِأَنَّ الرِّوَايَةَ أَنَّهُ نَزَلَ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ آيَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ [المائدة: ٣] وَلَوْ صَحَّ مَا قَالَ إِنَّ الْمَسْحَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ لَمَا كَانَتْ لَهُ فِيهِ حُجَّةٌ وَلَكَانَ الْمَسْحُ ثَابِتًا وَيَكُونُ الْقُرْآنُ نَزَلَ بِالْغَسْلِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ خُفَّانِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَا مَعْنَى الْمَسْحِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ وَهَلْ كَانَ التَّوَضُّؤُ لِلصَّلَاةِ وَاجِبًا قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ بَدَلٌ مِنَ الْغَسْلِ وَإِنْ قَالَ كَانَ غَيْرَ وَاجِبٍ قِيلَ لَهُ فَمَا مَعْنَى الْمَسْحِ وَالْغَسْلُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَكَذَا الْمَسْحُ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي تَثْبِيتِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ تَقُومُ بِهِمُ الْحُجَّةُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْآيَةِ الرَّابِعَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ


الصفحة التالية
Icon