بَابُ ذِكْرِ الْآيَةِ السَّادِسَةِ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ وَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ إِذَا تَحَاكَمَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ وَرَدَّهُمْ إِلَى حُكَّامِهِمْ هَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ
كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ قَالَ: «إِنْ شَاءَ حَكَمَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَحْكُمْ» وَقَالَ بِهَذَا مِنَ الْفُقَهَاءِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ -[٣٩٧]- وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ إِذَا تَحَاكَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى الْإِمَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمْ إِلَى حُكَّامِهِمْ، وَقَائِلُوا هَذَا الْقَوْلِ يَقُولُونَ إِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ لِأَنَّهَا إِنَّمَا نَزَلَتْ أَوَّلَ مَا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ فِيهَا يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ فَكَانَ الْأَدْعَى لَهُمْ وَالْأَصْلَحُ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى حُكَّامِهِمْ فَلَمَّا قَوِيَ الْإِسْلَامُ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩] فَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ