، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَهِيَ مُحْكَمَةٌ، وَلِلْأَئِمَّةِ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَيَنْفِلُوا مَنْ شَاءُوا إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَلَاحٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَاحْتَجُّوا أَنَّ هَذِهِ هِيَ الْأَنْفَالُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا الْغَنَائِمُ لِأَنَّهَا زِيَادَاتٌ يُزَادُهَا الرَّجُلُ عَلَى غَنِيمَتِهِ أَوْ يَزِيدُهَا الْإِمَامُ مِنْ رَأْى وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّ الْأَنْفَالَ مَا شَذَّ مِنَ الْعَدُوِّ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ ذَلِكَ مَنْ شَاءِ إِذَا كَانَ صَلَاحًا وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: إِنَّ الْأَنْفَالَ أَنْفَالُ السَّرَايَا خَاصَّةً وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: إِنَّ الْأَنْفَالَ الْخُمُسُ خَاصَّةً سَأَلُوا لِمَنْ هُوَ فَأُجِيبُوا بِهَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَمَنْ رُوِيَ عَنْهُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: الْأَنْفَالُ الْغَنَائِمُ الَّتِي كَانَتْ خَالِصَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا شَيْءٌ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمٌ، مَوْلَى أَبِي عَلِيٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " نُسِخَتْ نَسَخَتْهَا ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] " وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ
كَمَا قُرِئَ عَلَى -[٤٥٣]- إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى الْجَوْزِيِّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، قَالَا: " كَانَتِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] " وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ الضَّحَّاكِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالسُّدِّيِّ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ أَحَدًا شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةِ إِلَّا مِنْ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْأَسْهُمَ الْأَرْبَعَةَ قَدْ صَارَتْ لِمَنْ شَهِدَ مِنَ الْجَيْشِ الْحَرْبَ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي السَّهْمِ الْخَامِسِ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ لِلْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ أَيْ لِمَا فِيهِ صَلَاحُ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا التَّنْفِيلُ مِنْهُ فَالْقَوْلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ إِذَا صَارَتِ الْأَنْفَالُ تُقَسَّمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ إِنَّمَا تُقَسَّمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّمَا ذُكِرَتِ الْأَصْنَافُ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يُقْسَمَ السَّهْمُ فِيهَا فَإِنْ دُفِعَ إِلَى بَعْضِهَا جَازَ فَهَذَا كُلُّهُ يُوجِبُ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْأَرْبَعَةَ -[٤٥٤]- الْأَسْهُمَ لِمَنْ شَهِدَ الْحَرْبَ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي السَّهْمِ الْخَامِسِ وَمِمَّا يُحَقِّقُ أَنَّهَا نَسَخَتْهَا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا