بَابُ ذِكْرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحَرَمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] الْآيَةَ لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ وَقَالَ لَا يَحِلُّ قَتْلُ أَسِيرٍ صَبْرًا وَإِنَّمَا يُمَنُّ عَلَيْهِ أَوْ يُفَادَى وَقَالُوا النَّاسِخُ لَهَا قَوْلُهُ ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤] فَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الْحَسَنُ رَوَاهُ عَنْهُ أَشْعَثَ أَنَّهُ: " كَانَ يَكْرَهُ قَتْلَ الْأَسِيرِ صَبْرًا وَقَالَ ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤] " وَهَذَا قَوْلُ الضَّحَّاكِ، وَالسُّدِّيِّ قَالَا: " نَسَخَ ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] قَوْلُهُ ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤] "
وَهَوَ قَوْلُ عَطَاءٍ كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤] قَالَ: «هَذَا فِي الْأُسَارَى إِمَّا الْمَنُّ وَإِمَّا الْفِدَاءُ وَكَانَ يُنْكِرُ الْقَتْلَ صَبْرًا» -[٤٩٤]- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا قَوْلٌ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ فِي الْأُسَارَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا الْقَتْلُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ فِدَاءً وَلَا يَمُنُّ عَلَيْهِمْ وَجَعَلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] نَاسِخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤] وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ ومَرْوِيٌّ عَنْ مُجَاهِدٍ


الصفحة التالية
Icon