وَفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُمَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنْهَنِي عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا خَيَّرَنِي " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّوْقِيفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَوْ هَاهُنَا لِلتَّخْيِيرِ أَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠] فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمُنَافِقٍ؟ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَبَاطِنُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ قِيلَ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا نَاسِخٌ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا لِلْآيَةِ الْأُخْرَى وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ٨٤] نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ وَلِهَذَا كَرِهَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَجْتَرِئَ أَحَدٌ عَلَى تَفْسِيرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِأَشْيَاءَ مِنْهَا الْآثَارُ وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْآثَارِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] لَيْسَ هُمُ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا﴾ [التوبة: ٨٤]
-[٥٢٦]- وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ بَعْدَ ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [التوبة: ١٠٤] فَكَيْفَ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ تَابَ؟ وَأَهْلُ التَّأْوِيلِ يَقُولُونَ نَزَلَتْ ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] فِي أَبِي لُبَابَةَ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُ رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ فِي السَّوَارِي لِأَنَّهُمْ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ إِلَى أَنْ تَابَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ عَلَيْهِمْ وَقَدْ ذُكِرَتِ الْآيَةُ التَّاسِعَةُ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ


الصفحة التالية
Icon