وَكَذَا رَوَى الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنِ جَابِرٍ، قَالَ: «تَعُدُّونَ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ وَإِنَّمَا هُوَ الْحُدَيْبِيَةُ» وَكَذَا قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَقَالَهُ مِنَ التَّابِعِينَ الْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ وَفِي تَسْمِيَةِ فَتْحِ الْحُدَيْبِيَةِ فَتْحًا أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ بَيِّنَةٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨]
-[٦٧٧]- بَعْدَ أَنْ عَرَّفَهُ الْمَغْفِرَةَ لَهُ، ثُمَّ لَمْ يُنْزِلْ بَعْدَ ذَلِكَ سُخْطًا عَلَى مَنْ رَضِيَ عَنْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحُدَيْبِيَةَ بِئْرٌ وَرَدَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَقَدْ غَاضَ مَاؤُهَا فَتَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فَجَاءَ الْمَاءُ حَتَّى عَمَّهُمْ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ إِلَّا تَرَامٍ حَتَّى كَانَ الْفَتْحُ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَتَأَوَّلُ أَنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ لِيَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ: الْفَتْحُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا لَفَتْحِ مَكَّةَ وَجَعَلَهُ مَجَازًا كَمَا يُقَالُ: قَدْ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَارَبْنَا دُخُولَهَا وَأَبْيَنُ مَا فِي هَذَا