وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَمَّا كَانَ مُخَاطَبَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فَرْضَا عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَنَدْبًا عَلَى قَوْلِ قَوْمٍ. وَحَجَّةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّ الْكَلَامَ عَامٌ فَلَا يُخَصُّ بِهِ الْقِيَامُ مِنَ النَّوْمِ إِلَّا بِحُجَّةٍ، ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾ [ق: ٤٠] فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: يَعْنِي بِهِ: الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: " يَعْنِي بِهِ: الْمَغْرِبَ "
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾ [ق: ٤٠] «هُوَ التَّسْبِيحُ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ» ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: ٤٩] فِيهِ قَوْلَانِ قَالَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ ﴿إِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: ٤٩] «صَلَاةُ الصُّبْحِ»، وَاخْتَارَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْقَوْلَ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَرْضٌ. وَالْأَوْلَى أَنْ تُحْمَلَ الْآيَةُ عَلَيْهَا وَأَوْلَى مِنْ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ عَنْ صَحَابِيٍّ لَا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا
كَمَا قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنِ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: ٤٩] قَالَ: «الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ» -[٦٨٩]- فَإِنْ قِيلَ فَالرَّكْعَتَانِ غَيْرُ وَاجِبَتَيْنِ وَالْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَتْمِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حُجَّةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ الْحَتْمِ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَتْمًا ثُمَّ نُسِخَ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْضَ إِلَّا الصَّلَوَاتُ الْخُمُسُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَدْبًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لَيْسَتَا بِفَرْضٍ وَلَكِنَّهُمَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهِمَا لَا يَنْبَغِي تَرَكُهُمَا وَفِي وَالنَّجْمِ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لِلنَّاسِ فِي هَذَا أَقْوَالٌ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ فَلَا يَنْفَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَدِّقَ عَنْهُ أَحَدٌ، وَلَا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ ثَوَابَ شَيْءٍ عَمِلَهُ. قَالُوا: وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى كَمَا قَالَ تَعَالَى وَقَالَ قَوْمٌ: قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ وَهِيَ مَضْمُومَةٌ إِلَى الْآيَةِ، وَقَالَ قَوْمٌ الْأَحَادِيثُ لَهَا تَأْوِيلٌ: وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا مَا سَعَى فَمِمَّنْ تُؤَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ ابْنُ عَبَّاسٍ