وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ، رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا فَمَاتَتْ وَلَمْ تُوصِ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَيَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلَاتِ، وَفِيهِ مِنَ الْغَرِيبِ قَوْلُهُ افْتُلِتَتْ مَعْنَاهُ مَاتَتْ فَجْأَةً، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلْتَةً فَوَقَى اللَّهُ تَعَالَى شَرَّهَا أَيْ فَجْأَةٌ وَفِي هَذَا مِنَ الْمَعْنَى أَنَّ عُمَرَ تَوَاعَدَ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْفَضَائِلِ الْبَاهِرَةِ الَّتِي لَا تَدْفَعُ مَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ الْخِلَافَةُ وَأَنْ يُبَايَعَ فَجْأَةً وَلَيْسَ هَذَا لِغَيْرِهِ، وَكَانَ لَهُ اسْتِخْلَافُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: «اسْتَخْلَافُهُ إِيَّاهُ عَلَى الصَّلَاةِ بِمَعْنَى اسْتَخْلَافُهُ إِيَّاهُ عَلَى إِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّظَرِ فِي أُمُورِهِمْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَا تُقِيمُهَا إِلَّا الْأَئِمَّةُ مِنَ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ فَرُوجِعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ يَأْبَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُسْلِمُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرِ» -[٦٩٨]- وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ


الصفحة التالية
Icon