وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالسُّدِّيُ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ كَتَبَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا إِذَا نَامَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَقْرَبِ النِّسَاءَ، ثُمَّ كُتِبَ ذَلِكَ عَلَيْنَا فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] ثُمَّ نَسَخَهُ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] وَبِمَا بَعْدَهُ، وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ كَتَبَ عَلَيْنَا الصِّيَامَ شَهْرًا كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا وَأَنْ نَفْعَلَ كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَالْأَكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ ثُمَّ أَبَاحَ الْوَطْءَ وَالْأَكْلَ بَعْدَ النَّوْمِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: إِنَّهُ كُتِبَ عَلَيْنَا الصِّيَامُ وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ كَمَا كُتِبَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا قَالَ مُجَاهِدٌ: كَتَبَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ أُمَّةٍ وَقَالَ قَتَادَةُ: كَتَبَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا وَهُمُ النَّصَارَى قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَا فِي الْآيَةِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ قَدْ مَرَّ قَبْلَ هَذَا غَيْرَ مُسْنَدٍ ثُمَّ كَتَبْنَاهُ مُسْنَدًا
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ -[٩٣]- عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ دَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ عَلَى النَّصَارَى صَوْمُ شَهْرٍ فَمَرِضَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: لَئِنِ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ شَفَاهُ لَنَزِيدَنَّ عَشْرًا، ثُمَّ كَانَ مَلِكٌ آخَرُ فَأَكَلَ لَحْمًا فَأَوْجَعَ فَاهُ فَقَالُوا: لَئِنِ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ شَفَاهُ لَنَزِيدَنَّ سَبْعًا، ثُمَّ كَانَ مَلِكٌ آخَرُ فَقَالَ: لَنُتِمَّنَّ هَذِهِ السَّبْعَةَ الْأَيَّامِ وَنَجْعَلُ صَوْمَنَا فِي الرَّبِيعِ " قَالَ: فَصَارَ خَمْسِينَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ: إِنَّهَا نَاسِخَةٌ لِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ نُسِخَ مِنْهَا تَرْكُ الْأَكْلِ وَالْوَطْءِ بَعْدَ النَّوْمِ لَا يَمْتَنِعُ، وَقَدْ تَكُونُ الْآيَةُ يُنْسَخُ مِنْهَا الشَّيْءُ كَمَا قِيلَ فِي الْآيَةِ السَّابِعَةِ


الصفحة التالية
Icon