هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى إِيمَانِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لِأَنَّ الْفَرَحَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ دَلِيلُ الْإِيمَانِ.
وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ [٢ ١٢١]، وَقَوْلُهُ: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ الْآيَةَ [١٧ ١٠٧].
وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ - إِلَى أَنْ قَالَ - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ [٩٨ ١ - ٦]، وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْكَافِرِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْثَرُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ [٣ ١١٠].
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، فَهِيَ فِي خُصُوصِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْيَهُودِ وَكَالثَّمَانِينَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ النَّصَارَى
الْمَشْهُورِينَ، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّبْعِيضُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْآيَةَ [٣ ١٩٩].