إِنِّي وَإِنْ سِيقَ إِلَيَّ الْمَهْرُ | عَبْدٌ وَأَلْفَانِ وَذَوْدٌ عَشْرُ |
وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ:
[[سروران مالهما ثالث | حياة البنين وموت البنات]] (*) |
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِنَوْعَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ، وَهُمَا الْمَنُّ وَالسَّلْوَى، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إِلَّا طَعَامٌ وَاحِدٌ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ [٢ ٦١]، وَلِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَوْجُهٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَنَّ وَهُوَ التَّرَنْجَبِينُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ مِنْ جِنْسِ الشَّرَابِ، وَالطَّعَامُ الْوَاحِدُ هُوَ السَّلْوَى، وَهُوَ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ السُّمَانَى أَوْ طَائِرٌ يُشْبِهُهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَجْعُولَ عَلَى الْمَائِدَةِ الْوَاحِدَةِ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ طَعَامًا وَاحِدًا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَكَلْنَا طَعَامَ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً. وَالَّذِي يُظْهِرُ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ أَصَحُّ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ تَفْسِيرَ الْمَنِّ بِخُصُوصِ التَّرَنْجَبِينَ يَرُدُّهُ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ: الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ... الْحَدِيثَ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ سَمَّوْهُ طَعَامًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَتَبَدَّلُ كُلَّ يَوْمٍ، فَهُوَ مَأْكَلٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ.