وَيُشِيرُ إِلَيْهِ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:
وَإِنْ يَكُونَا مُفْرَدَيْنِ فَأَضِفْ | حَتْمًا وَإِلَّا أَتْبِعِ الَّذِي رَدِفْ |
وَأَمَّا قَوْلُهُ:وَلَا يُضَافُ اسْمٌ لِمَا بِهِ اتَّحَدْ | مَعْنًى وَأَوِّلْ مُوهِمًا إِذَا وَرَدْ |
فَالَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ بَعْدَ الْبَحْثِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلِهِ مَعَ كَثْرَتِهِ فِي الْقُرْءَانِ وَاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ الْعَرَبِيَّةِ بِدَلِيلِ كَثْرَةِ وُرُودِهِ، كَقَوْلِهِ هُنَا وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَالْمَكْرُ هُوَ السَّيِّئُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ الْآيَةَ، وَكَقَوْلِهِ: وَالدَّارُ الْآخِرَةُ [٧ ١٦٩]، وَالدَّارُ هِيَ الْآخِرَةُ، وَكَقَوْلِهِ: شَهْرُ رَمَضَانَ [٢ ١٨٥]، وَالشَّهْرُ هُوَ رَمَضَانُ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَكَقَوْلِهِ: مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [٥٠ ١٦]، وَالْحَبْلُ هُوَ الْوَرِيدُ.
وَنَظِيرُهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ عَنْتَرَةَ فِي مُعَلَّقَتِهِ:
وَمِشَكِّ سَابِغَةٍ هَتَكْتُ فُرُوجَهَا | بِالسَّيْفِ عَنْ حَامِي الْحَقيقَةِ مُعْلِمِ |
فَأَصْلُ الْمِشَكِّ بِالْكَسْرِ السَّيْرُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الدِّرْعُ، وَلَكِنَّ عَنْتَرَةَ هُنَا أَرَادَ بِهِ نَفْسَ الدِّرْعِ وَأَضَافَهُ إِلَيْهَا، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِنْ كَلَامِهِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهَتْكِ الْفُرُوجِ وَاقِعٌ عَلَى الدِّرْعِ لَا عَلَى السَّيْرِ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ، كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ صَاحِبِ تَاجِ الْعَرُوسِ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَ بَيَّتَ عَنْتَرَةَ شَاهِدًا لِأَنَّ الْمِشَكَّ السَّيْرُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الدِّرْعُ، بَلِ الْمِشَكُّ فِي بَيْتِ عَنْتَرَةَ هَذَا عَلَى التَّحْقِيقِ هُوَ السَّابِغَةُ وَأُضِيفَ إِلَيْهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كَبِكْرِ الْمُقَانَاةِ الْبَيَاضِ بِصُفْرَةٍ | غَذَاهَا نَمِيرُ الْمَاءِ غَيْرَ الْمُحَلَّلِ |
الصفحة التالية